🇯🇵🇹🇳 حوار خاص: من تونس إلى اليابان… رحلة امرأة صنعت لنفسها مكاناً في بلد الشمس المشرقة: قصة اندماج وتحدٍّ وإشعاع ثقافي على مدى 24 سنة

حاورها : جيلاني فيتوري

في هذا الحوار المميّز، تكشف السيدة “سنيا البنا” تفاصيل رحلتها من تونس إلى اليابان، وأسرار النجاح في واحد من أكثر المجتمعات انضباطاً وانغلاقاً ثقافياً، لتقدّم شهادة حيّة عن تجربة إنسانية ثرية شكّلت فيها سفيرة فعلية لبلدها أينما حلّت.


■ كيف بدأت رحلتك نحو اليابان؟

تروي لنا قائلة:
“بدأت رحلتي إلى اليابان بعد زواجي. زوجي درس الهندسة في الصين، وعند عودته إلى تونس لم يجد فرصة عمل، فقرر الهجرة إلى اليابان. وبعد 14 سنة من العمل هناك، تزوجنا سنة 2001 والتحقت به لأبدأ فصلاً جديداً من حياتي.”


■ كيف كانت انطباعاتك الأولى عند الوصول؟

“شعرت وكأنني وصلت إلى كوكب آخر. كل شيء مختلف: المباني، الشوارع، النظام، النظافة رغم الازدحام، والتكنولوجيا المتقدمة التي لم نكن معتادين عليها. حتى أبسط الخدمات كانت أوتوماتيكية. كانت تجربة صدمة، لكنّها صدمة إيجابية.”


■ ماهي أصعب التحديات التي واجهتك في التأقلم؟

“أكبر تحدٍّ كان اللغة، فاللغة اليابانية بعيدة جداً عن لغتنا. صعوبات التواصل في الحياة اليومية جعلت عملية الاندماج بطيئة. كما أن الاختلاف الكبير في الثقافة والعادات والدين فرض عليّ جهداً مضاعفاً. ومع ذلك، ساعدني احترام اليابانيين وانضباطهم على التكيّف شيئاً فشيئاً.”


■ كيف ينظر اليابانيون للعرب عموماً وللتونسيين خصوصاً؟

“اليابانيون شعب متسامح، فضولي يحب التعرف على الثقافات الأخرى، خصوصاً الثقافة العربية والإسلامية التي لا يعرفون عنها الكثير. أما التونسيون، فصورتهم طيبة هناك ويحظون باحترام كبير.”


■ ما أكثر ما يعجبك في الحياة اليابانية؟ وهل هناك جوانب لم تعتادي عليها؟

“أكثر ما يعجبني هو العيش الكريم، واحترام الوقت، والالتزام بالأخلاق في التعاملات اليومية. اليوم اعتدت تقريباً على كل شيء حتى البعد عن الوطن—لكن يبقى وطني دائماً في القلب.”


■ هل تحافظين على العادات التونسية في الغربة؟

“طبعاً. كامرأة تونسية أحاول دائماً خلق أجواء الاحتفال في البيت، خاصة في رمضان والأعياد. كما ألتقي بالجالية في مناسبات عديدة خاصة في السفارة لنحتفظ جميعاً بصلتنا بالوطن.”


■ هل تشاركين في أنشطة للتعريف بتونس في اليابان؟

“نعم، كثيراً. أعرّف بالموروث الثقافي التونسي في المدارس والمعاهد، وأقدّم أطباقاً من المطبخ التونسي، وأروّج للمنتوجات التونسية مثل زيت الزيتون والتمر والهريسة النابلية. كما نشرت وصفات تونسية في صحيفة يابانية. لدي أيضاً أنشطة بالجامعات أتحدث فيها عن تجربتي وتحدياتي خلال 24 سنة من العيش في اليابان.”
وتضيف بفخر: “أكبر نجاح أعتز به هو تعييني رئيسة الهيئة الفرعية بآسيا وأستراليا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.”


■ كيف يمكن للمهاجر التونسي أن يكون سفيراً لبلده؟

“ببساطة: السلوك. أن نكون نموذجاً إيجابياً، نحترم القوانين، نعمل بجد، ونشارك في الأنشطة التطوعية التي تُظهر الجانب الإنساني والحضاري لتونس. هكذا نصنع صورة جميلة عن بلادنا.”


■ ما رسالتك للتونسيين الراغبين في الهجرة أو الدراسة باليابان؟

“أنصحهم بالاستعداد النفسي والثقافي قبل كل شيء. تعلم اللغة اليابانية هو المفتاح الأول، والاطلاع على ثقافة البلد وقوانينه ضروري جداً. الاختلاف كبير، والتخطيط المسبق يجعل التجربة أكثر نجاحاً وأقل صعوبة.”


■ بعد كل هذه السنوات… هل تفكرين في العودة إلى تونس؟

تبتسم وتجيب:
“بصراحة لم أفكر في العودة سابقاً، لكن مع مرور الوقت أدركت أن الوطن هو الأغلى. مهما طال البعد، يبقى الحنين قوياً… والدفء الحقيقي لا أجده إلا في تونس.”


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى