
كشف المرصد الوطني للفلاحة في نشرية اليقظة لشهر أفريل 2025 عن استمرار الوضع المائي الحرج في البلاد، حيث بلغت نسبة امتلاء السدود إلى حدود يوم 16 أفريل الجاري 36.5 بالمائة فقط، رغم تسجيل تحسّن طفيف في المخزون مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأشار المرصد إلى أن المخزون الجملي للسدود بلغ 865.3 مليون متر مكعب، مقابل 832.8 مليون متر مكعب في نفس التاريخ من سنة 2024، أي بزيادة قدرها 4%. ورغم هذا الارتفاع، فإن الكمية الحالية لا تزال دون المعدل العام للسنوات الثلاث الأخيرة، الذي قُدّر بحوالي 889.5 مليون متر مكعب.
تفاوت واضح بين السدود
أظهرت المعطيات المسجلة تفاوتًا كبيرًا في نسب امتلاء السدود من منطقة إلى أخرى. فقد بلغت نسبة امتلاء سد سيدي سالم، أحد أهم السدود في الشمال، 21.7% فقط، في حين ارتفعت النسبة إلى 71.3% في سد سيدي البراق الواقع بمنطقة الشمال الغربي.
وتستحوذ سدود الشمال على النصيب الأكبر من الموارد المائية، إذ تمثل 90.4% من إجمالي المخزون (أي ما يعادل 782.4 مليون متر مكعب)، مقابل 7.3% في سدود الوسط (62.8 مليون متر مكعب)، و2.3% فقط في سدود الوطن القبلي (20.1 مليون متر مكعب).
الإيرادات المائية: تحسن نسبي وتراجع هيكلي
من جهة أخرى، بلغت الإيرادات الجملية للسدود من 1 سبتمبر 2024 إلى 16 أفريل 2025 نحو 737.8 مليون متر مكعب، أي بزيادة قدرها 21.5% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية (707.3 مليون متر مكعب). ومع ذلك، فإن هذه الإيرادات لا تزال أقل بنسبة 53.2% مقارنة بمعدل الإيرادات للفترة نفسها على مدى السنوات السابقة، الذي يُقدّر بـ1576.5 مليون متر مكعب.
وتوزعت هذه الإيرادات إلى 89.7% في سدود الشمال، و7.3% في سدود الوسط، بينما لم تتجاوز حصة الوطن القبلي من المياه الوافدة 3%.
تحديات مائية ومخاطر مستقبلية
تُبرز هذه المعطيات استمرار الضغوط على المنظومة المائية في تونس، خاصة في ظل التغيرات المناخية وتراجع كميات الأمطار. كما تدق هذه الأرقام ناقوس الخطر بشأن الأمن المائي في البلاد، الذي يتطلب إعادة النظر في السياسات الفلاحية والاستهلاك الحضري، وتعزيز تقنيات تجميع المياه والاقتصاد في استعمالها.
في ظل هذه التحديات، تتأكد الحاجة إلى خطة وطنية شاملة ومستدامة لإدارة الموارد المائية، تدمج بين الحلول التقنية والتشريعية، وترتكز على التوعية المجتمعية بضرورة الحفاظ على هذه الثروة الحيوية.