
في شهر رمضان المبارك، يتجدد الإحساس بالتضامن والتآخي بين أبناء الجالية التونسية في مختلف الدول الأوروبية، حيث يتجاوز الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة حدود الفردية ليصبح مشهداً جماعياً حافلاً بالقيم الإنسانية والدينية.
تحت شعار “الرحمة والتآزر”، نظّمت الجالية التونسية في أوروبا، خاصة في دول مثل إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا، موائد إفطار يومية مفتوحة لكل من يحتاج إلى وجبة إفطار كريمة. هذه المبادرة، التي أصبحت عادة سنوية، جمعت بين عشرات المتطوعين والمتطوعات من مختلف الأعمار، الذين عملوا معاً بتنظيم ودقة لإعداد الطعام وتقديمه في جوٍ يسوده الحب والتعاون.
موائد الإفطار، التي أُقيمت في المساجد والمراكز الثقافية وحتى في الساحات العامة، كانت فرصة للجالية التونسية لالتقاء أفرادها وتعزيز روابطهم، مع تقديم يد العون لمن هم في حاجة ماسة إليها. وبفضل هذا الجهد التضامني، تجاوزت المبادرة توفير الطعام إلى بث الأمل والطمأنينة في نفوس المشاركين، وتأكيد القيم النبيلة للإسلام في التكافل الاجتماعي.
كما لعبت الجاليات الأخرى دوراً مهماً في إنجاح هذا العمل الخيري. فعلى الرغم من تنوع الثقافات والديانات في الدول الأوروبية، جاءت هذه المبادرات كرسالة واضحة للعالم بأن التضامن لا يعرف حدوداً ولا جنسية. وكان لمشاركة العديد من المتطوعين الأوروبيين في هذه الجهود التضامنية تأثير كبير على تعزيز مفهوم التعايش والتفاهم المتبادل بين المجتمعات المختلفة.
من جانبه، أثنى الكثير من الحاضرين على الروح الإيجابية التي سادت خلال هذه الفعاليات، حيث أكد أحد المشاركين قائلاً: “إن مثل هذه المبادرات تذكرنا بقيمنا المشتركة وبأهمية مساعدة الآخرين، خاصة في أوقات الحاجة”. كما عبّر عن امتنانه لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل، من متطوعين ومنظمات مجتمعية ورجال أعمال قدموا الدعم المالي واللوجستي.
من ناحية أخرى، كان لهذا الجهد التضامني الأثر البارز في دعم الفئات الأكثر ضعفاً، مثل الطلاب والعمال المهاجرين، الذين ربما يواجهون تحديات اقتصادية وصحية في ظل الظروف الحالية.
وبفضل التنظيم المحكم والتنسيق مع الجمعيات المحلية في كل دولة، تم توفير وجبات متنوعة تعكس التراث الغذائي التونسي الغني، وهو ما ساعد على تعزيز الهوية الثقافية والوطنية للجالية بالخارج.
هذا العمل الخيري لن يتوقف بانتهاء شهر رمضان، إذ هناك خطط لتوسيع المبادرات الإنسانية لتشمل المزيد من الأنشطة الخيرية مثل توزيع الملابس وتقديم الدعم الصحي والتعليمي للمحتاجين. وتؤكد هذه المبادرات مرة أخرى أن الجالية التونسية بالخارج ليست مجرد جالية مهاجرة، بل هي جزء فعال ومؤثر في المجتمعات التي تعيش فيها، قادرة على تقديم العون والتضامن في كل الظروف.
ختاماً، تُعد موائد الإفطار اليومية التي نظمتها الجالية التونسية في أوروبا مثالاً حياً على ما يمكن للتضامن والعمل الجماعي تحقيقه. وهو جهد يستحق التقدير والثناء لكل من ساهم فيه.
يسري تليلي