بقلم: يسري تليلي
في خطوة تعكس التزام تونس المتجدد بقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، يشارك وزير الشؤون الاجتماعية، السيّد عصام الأحمر، في الدورة السادسة عشر للجنة التنمية الاجتماعية، والمنتدى العربي الرابع من أجل المساواة، المنعقدين في الجزائر من 23 إلى 25 جوان 2025. وقد جاءت هذه المشاركة الفاعلة تلبيةً لدعوة من وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة الجزائرية، ومن الأمينة التنفيذية للإسكوا، ضمن فعاليات نظمتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالشراكة مع الحكومة الجزائرية.

تونس تُقدّم تجربتها: من الحماية الاجتماعية إلى التنمية الشاملة
في كلمته خلال افتتاح الدورة السادسة عشر للجنة التنمية الاجتماعية، أبرز الوزير عصام الأحمر أهم الإصلاحات الاجتماعية التي شرعت تونس في تنفيذها، والتي تُعدّ جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة أساسها العدالة الاجتماعية الحقيقية. وأوضح أن هذه الإصلاحات ترتكز على مقاربة اقتصادية-اجتماعية حدّد ملامحها رئيس الجمهورية، وتهدف إلى كسر التبعية الاقتصادية وتعزيز روح التعويل على الذات وخلق الثروة.
وقدّم الوزير عرضًا حول جملة من الإجراءات الجوهرية، على غرار منع المناولة، وتنظيم عقود الشغل، وإطلاق مشروع صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل، بالإضافة إلى إحداث نظام حماية اجتماعية خاص بالعاملات الفلاحيات – وهي فئة كثيرًا ما عانت من هشاشة وضعها القانوني والاجتماعي.
الأجر الحياتي المضمون: نقلة نوعية في التفكير الاجتماعي
ومن بين النقاط اللافتة التي أثارها الوزير التونسي، الانتقال من مفهوم “الأجر الأدنى المضمون” إلى “الأجر الحياتي المضمون”، في محاولة لإعادة ضبط معايير الكرامة الاجتماعية من منظور جديد يأخذ بعين الاعتبار كلفة العيش الفعلية والحقوق الاقتصادية الأساسية. كما تم الإعلان عن إحداث نظام متكامل لحماية الأمومة يتطابق مع المعايير الدولية، في خطوة تهدف إلى ترسيخ المساواة بين الجنسين داخل منظومة الشغل.
نحو حوكمة جديدة للسياسات الاجتماعية
وقد خصّص جدول أعمال الدورة الأممية لمواضيع ذات أهمية بالغة مثل: إصلاح أنظمة الحماية الاجتماعية، تقليص الفجوة الاجتماعية، الابتكار في السياسات الاجتماعية، وملف الإعاقة الذي لا يزال يتطلب مجهودات إضافية لضمان عدم التمييز.
وفي هذا السياق، سيكون للوزير عصام الأحمر مداخلة رئيسية يوم الثلاثاء 24 جوان 2025 ضمن الجلسة الثانية للمنتدى العربي من أجل المساواة، حيث سيستعرض تجربة تونس في الحماية الاجتماعية داخل القطاع غير المنظم، أحد أكبر التحديات التي تواجهها الدول العربية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة: نحو مقترحات عملية
من جهته، يهدف المنتدى العربي الرابع إلى تعزيز الحوار بين مختلف الفاعلين في المنطقة العربية، من صناع قرار ووزراء ومجتمع مدني وخبراء وشباب، من أجل التوصل إلى حلول واقعية وقابلة للتنفيذ لمعالجة مظاهر عدم المساواة، خاصة في مجال الحماية الاجتماعية. وسيركّز المنتدى على تعزيز الشمولية في النظم الاجتماعية وتوسيع نطاق التغطية لتشمل الفئات الأكثر هشاشة.
تونس حاضرة وبقوة
تؤكد هذه المشاركة التونسية في المنابر الإقليمية والدولية أن البلاد عازمة على أن تكون فاعلاً مؤثراً في صياغة السياسات الاجتماعية المستقبلية للمنطقة، انطلاقاً من إرادة سياسية واضحة، ورؤية إصلاحية تنحاز إلى الفئات الأكثر ضعفاً، وتسعى إلى بناء منظومة اجتماعية أكثر عدلاً واستدامة.