
تونس / جيلاني فيتوري
السيد عبد الباسط الهلالي هل من الممكن التعرف عليك؟
بالتأكيد، أنا عبد الباسط هلالي، تونسي مقيم في قطر منذ أكثر من 20 عامًا. أعمل حاليًا في مؤسسة حكومية، وأشغل منصب رئيس مجلس الجالية التونسية في قطر. في هذه الرحلة الطويلة، حرصت على أن أكون جزءًا من المجتمع القطري وأيضًا من الجالية التونسية هنا، حيث أساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير الدعم لأبناء بلدي.
لقد مررت بتجربة طويلة في العمل المجتمعي. كيف بدأت هذه المسيرة؟ وما الذي دفعك للانخراط في خدمة الجالية التونسية في قطر؟
السيد عبد الباسط هلالي:
بدأت مسيرتي المجتمعية في البداية بشكل غير رسمي. عند وصولي إلى قطر، كان هناك الكثير من التحديات التي يواجهها أبناء الجالية التونسية، من مشاكل إدارية أو اجتماعية إلى صعوبات في التأقلم مع الحياة في الخارج. شعرت أنني يجب أن أكون جزءًا من حل هذه المشاكل. هذا هو ما دفعني للانخراط في العمل المجتمعي. منذ تلك اللحظة، بدأت في المشاركة في تنظيم الفعاليات والأنشطة التي تهدف إلى دعم الجالية وتعزيز الروابط بينها.
وبمرور الوقت، أصبحت أكثر التزامًا بهذه القضية، حتى تم اختياري في منصب رئيس مجلس الجالية التونسية في قطر. كان الهدف دائمًا هو خلق بيئة آمنة ومتماسكة للأفراد والعائلات التونسية هنا، حيث يشعرون بالراحة ويشتركون في محيط اجتماعي داعم.

ما هي التحديات الرئيسية التي واجهتها في عملك المجتمعي؟ وكيف تمكنت من التغلب عليها؟
السيد عبد الباسط هلالي:
التحديات كانت كثيرة، خصوصًا في البداية. كانت هناك صعوبة في التواصل مع جميع فئات الجالية، نظرًا لاختلاف اهتماماتهم وظروفهم الحياتية. علاوة على ذلك، كانت هناك تحديات تتعلق بالمشاكل القانونية والإدارية التي قد يواجهها البعض، مثل تأشيرات الإقامة، قضايا العمل، وأحيانًا صعوبة في فهم القوانين المحلية.
لحل هذه المشاكل، كان من المهم أن يكون لدينا فريق عمل من داخل الجالية يعمل بشكل متكامل مع السلطات المحلية. ومع مرور الوقت، تمكنا من بناء شبكة دعم كبيرة، وتطوير آليات تواصل فعّالة بيننا وبين الحكومة المحلية، بالإضافة إلى تسهيل الكثير من الأمور القانونية والإنسانية التي يواجهها أبناء الجالية.
على الرغم من انشغالك بمسؤولياتك المجتمعية، إلا أنك لا تزال تعمل موظفًا حكوميًا. كيف توفق بين العمل المهني والنشاط المجتمعي؟
السيد عبد الباسط هلالي:
إن التوازن بين العمل المهني والأنشطة المجتمعية يتطلب تخطيطًا جيدًا وإدارة وقت محكمة. صحيح أن مسؤولياتي في العمل تتطلب مني جهدًا كبيرًا، ولكنني دائمًا ما أخصص وقتًا محددًا للعمل المجتمعي. أؤمن أن العمل المجتمعي ليس مجرد نشاط إضافي بل هو جزء من مسؤوليتي تجاه المجتمع الذي أعيش فيه.
ولحسن الحظ، دعمني العديد من زملائي في العمل، وكان لديهم تفهم كبير لطبيعة الدور الذي أقوم به في خدمة الجالية. هذا التوازن بين العمل في المجال الحكومي والمجتمعي يعطيني دافعًا أكبر لأن أكون أكثر إنتاجية في كلا المجالين.

ما هي الأهداف التي تسعى لتحقيقها في مجلس الجالية التونسية في قطر؟
السيد عبد الباسط هلالي:
أهدافنا في المجلس تتنوع وتشمل العديد من المجالات، لكن في المجمل يمكن تلخيصها في تحقيق الاستقرار الاجتماعي لأبناء الجالية، ودعمهم في المجالات القانونية والاجتماعية والتعليمية. نحن نعمل جاهدين على خلق بيئة تعليمية جيدة لأبناء الجالية، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات القانونية، ومساعدتهم في قضايا العمل والإقامة.
كما نسعى إلى تعزيز الروح الوطنية بين التونسيين المقيمين في قطر، من خلال الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي تبرز الثقافة التونسية وتعزز الفهم المتبادل بين الجالية والمجتمع القطري.
كيف ترى تأثير العمل المجتمعي على حياة الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال؟ هل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في حياتهم الشخصية؟
السيد عبد الباسط هلالي:
العمل المجتمعي لا شك أنه يؤثر بشكل إيجابي في حياة الأشخاص الذين يشاركون فيه. شخصيًا، أجد أن هذا العمل يمنحني إحساسًا عميقًا بالإنجاز ويجعلني أشعر أنني جزء من مجتمع أكبر. كما أنني أتعلم الكثير من خلال التعامل مع مختلف الحالات والظروف التي يمر بها الأفراد. هذا يعزز مهاراتي الشخصية والمهنية ويزيد من قدرتي على التعامل مع مختلف التحديات.
من خلال العمل المجتمعي، تزداد الروح الإنسانية لدى الشخص، ويشعر أكثر بعمق الانتماء إلى المجتمع. بالنسبة لي، هذا العمل يجعلني أكثر إصرارًا على تقديم الأفضل لمجتمعي ولأسرتي.
ماذا عن التحديات التي تواجهها الجالية التونسية في الخارج بشكل عام؟ وكيف يمكن للجاليات العربية أن تتعاون لتحقيق أهداف مشتركة؟
السيد عبد الباسط هلالي:
الجاليات التونسية والعربية بشكل عام تواجه العديد من التحديات في الخارج، مثل التكيف مع الثقافة المحلية، الحفاظ على الهوية الثقافية، التحديات القانونية، ومشاكل العمل والإقامة. لكن أبرز التحديات تبقى في الحفاظ على الروح الوطنية والاندماج في المجتمع الجديد دون فقدان الهوية الأصلية.
أعتقد أن التعاون بين الجاليات العربية أمر أساسي لتحقيق أهداف مشتركة. من خلال الأنشطة المشتركة، مثل الفعاليات الثقافية، ورش العمل التعليمية، والمبادرات الاجتماعية، يمكننا تعزيز العلاقات بين الجاليات العربية المختلفة ومساعدة أفرادها في مواجهة التحديات المشتركة.
في الختام، ما هي الرسالة التي تود أن توجهها للأجيال القادمة من أبناء الجالية التونسية والعربية في الخارج؟
السيد عبد الباسط هلالي:
رسالتي هي أن الحفاظ على الهوية والتواصل مع ثقافتنا العربية أمر بالغ الأهمية. ولكن في الوقت ذاته، يجب أن نتعلم كيفية الاندماج الفاعل في المجتمعات التي نعيش فيها. أن نكون سفراء لثقافتنا وأن نسعى جاهدين لبناء علاقات طيبة مع المجتمعات الأخرى.
أيضًا، يجب أن نتحلى بالإيجابية والمثابرة في مواجهة التحديات التي قد نواجهها. النجاح في الخارج يعتمد على قدرتنا على التكيف، وعلى عزيمتنا في تقديم الأفضل لأنفسنا ولأسرنا.
نشكركم جزيل الشكر، السيد عبد الباسط هلالي، على هذه الإجابات التي منحتنا لمحة عن مسيرتكم الحافلة بالعطاء والمثابرة.