احتضنت ولاية المهدية يوم الخميس 07 أوت 2025 فعاليات الندوة الإقليمية الأولى للتونسيين بالخارج أصيلي ولايات القصرين، سليانة، القيروان، سوسة، المنستير والمهدية، بتنظيم مشترك بين ديوان التونسيين بالخارج والبنك الوطني الفلاحي، تحت شعار لافت: “الرقمنة رافدًا للتنمية ودفعًا للاستثمار”. وقد أقيمت هذه الندوة في أحد نزل المهدية، في إطار مساعٍ وطنية طموحة لربط الجالية التونسية بالخارج بمسار التنمية داخل الوطن.

حضور رسمي ورسائل دعم قوية
افتتحت الندوة بحضور رسمي وازن، حيث سجّل والي المهدية حضوره إلى جانب المدير العام لديوان التونسيين بالخارج، في إشارة واضحة إلى الأهمية التي توليها الدولة لهذه المبادرة. كما حضر ممثلون عن السلطات الجهوية والبلدية، وإطارات عليا من البنك الوطني الفلاحي، فضلاً عن رجال أعمال ومستثمرين وأبناء الجالية التونسية العائدين من مختلف دول العالم.
الرقمنة… بوابة نحو مستقبل اقتصادي جديد
الاختيار المدروس لشعار هذه الدورة لم يكن وليد الصدفة، إذ شكّل موضوع الرقمنة محور النقاشات وجلسات العمل، باعتبارها وسيلة أساسية لتبسيط الإجراءات الإدارية، وربط المستثمرين بالمؤسسات والفرص المتاحة، وتسهيل النفاذ إلى الأسواق. وقد أكد المشاركون أن التكنولوجيا اليوم لم تعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان تنافسية الاقتصاد الوطني.

تبادل خبرات وعرض تجارب ملهمة
تميزت الندوة بعرض تجارب ناجحة لمستثمرين تونسيين بالخارج، ممن استطاعوا تحويل أفكارهم إلى مشاريع قائمة وناجحة، في مجالات متعددة على غرار الصناعات الغذائية، السياحة البديلة، والخدمات الرقمية. هذه النماذج ألهبت حماس الحاضرين، وأثبتت أن الاستثمار في الجهات الداخلية يمكن أن يكون مربحًا وذا أثر اجتماعي إيجابي إذا ما توفرت الظروف المناسبة.
جلسات نقاش وتوصيات عملية
خلال الجلسات، تمحورت النقاشات حول سبل تفعيل الشراكات بين الداخل والخارج، وابتكار آليات جديدة للتواصل مع الجالية، إلى جانب اقتراح حلول عملية لتجاوز الصعوبات التي يواجهها المستثمرون، سواء كانت إدارية أو تمويلية أو لوجستية. وقد خلصت الجلسات إلى جملة من التوصيات التي من المنتظر أن تشكل خارطة طريق للمرحلة القادمة، أبرزها:

- إرساء منصات رقمية موحدة للاستثمار في الجهات.
- تسهيل إجراءات بعث المشاريع للتونسيين بالخارج.
- توفير آليات تمويل مرنة تراعي خصوصية الاستثمار عن بعد.
المهدية… محطة لقاء وتلاقي
اختيار ولاية المهدية لاحتضان هذه الندوة لم يكن محض صدفة، فهي مدينة ساحلية ذات رمزية تاريخية وثقافية، تتميز بموقع استراتيجي وإمكانات اقتصادية كبيرة، خاصة في مجالي السياحة والصناعات البحرية. وقد أضفت أجواء المدينة على اللقاء لمسة خاصة من الضيافة والدفء، ما جعل الحاضرين يغادرون بذكريات طيبة واندفاع أكبر نحو الاستثمار في تونس.
نحو استدامة المبادرة
في ختام الندوة، أجمع الحاضرون على أن هذا اللقاء يجب ألا يكون حدثًا معزولًا، بل بداية لمسار متواصل من التواصل والتعاون بين الداخل والخارج، خاصة وأن الجالية التونسية بالخارج تمثل رصيدًا بشريًا ومعرفيًا وماليًا يمكن أن يغير معادلة التنمية في البلاد.
بهذه الروح، تبقى الرقمنة كلمة السر التي يمكن أن تعيد رسم خريطة الاستثمار في تونس، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الأجيال القادمة، على أمل أن تتكرر مثل هذه الملتقيات في مختلف ولايات الجمهورية، لتكون تونس دائمًا جسرًا بين مبدعيها في الداخل وأبنائها في الخارج.