إضراب أعوان البريد: نضال من أجل حقوق مهنية وتأخير طويل في الحلول

ينطلق اليوم، الاثنين 24 فيفري 2025، إضراب قطاعي شامل لأعوان البريد التونسي، والذي يستمر حتى الساعة السادسة مساء يوم الأربعاء 26 فيفري. هذا التحرك الاحتجاجي يأتي بعد سلسلة من الجلسات الصلحية التي لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، ويُعتبر تصعيدًا جديدًا في النضال من أجل مطالب مهنية طال انتظارها. وأكد الكاتب العام للجامعة العامة للبريد، الحبيب الميزوري، أن الإضراب جاء نتيجة فشل الجلسة الصلحية التي عقدت يوم 19 فيفري، بسبب رفض الإدارة تلبية مطالب الأعوان رغم تعهداتها السابقة.

الإضراب في قطاع البريد ليس حدثًا عابرًا، بل هو نتيجة لشهور من التفاوض، حيث أكد الميزوري أن سياسة “التسويف والمماطلة” من قبل الإدارة أدت إلى هذا التصعيد. فقد عقدت عدة جلسات صلحية امتدت على أكثر من خمسة أشهر، لكنها لم تثمر عن أي حلول أو قرارات تهدف إلى حل الأزمة المستمرة منذ فترة. آخر هذه الجلسات كانت تحت إشراف وزير الشؤون الاجتماعية، ولكن لم يتم التوصل إلى أي نتيجة ترضي الأعوان.

ويستمر التصعيد في هذا القطاع بعد أن كان الإضراب مقررًا في الأصل ليومي 22 و23 سبتمبر 2024، ليتم تأجيله في وقت لاحق إلى فيفري 2025. من أبرز المطالب التي يرفعها أعوان البريد: عرض النظام الأساسي الجديد لأعوان الديوان الوطني للبريد على مجلس الإدارة، إصدار الترقيات المهنية المتوقفة منذ سنتين، وتفعيل الصندوق الاجتماعي المخصص لأعوان البريد، فضلًا عن تسوية وضعية أعوان الحراسة والتنظيف. هذه المطالب تعكس حالة من الإحباط لدى الموظفين الذين يشعرون بأن حقوقهم المهنية قد تم تجاهلها طيلة الفترة الماضية.

الحبيب الميزوري أشار إلى أن الجامعة العامة للبريد ترفض القرار الحكومي المتعلق بتسخير الأعوان للعمل خلال أيام الإضراب. واعتبر أن هذا الإجراء “غير ملزم وغير قانوني” لأنه لم يتم إعلام الأعوان بالإضراب قبل 24 ساعة من موعده عبر الضابطة العدلية، وهو ما يعكس تزايد التوتر بين العاملين في قطاع البريد والإدارة.

المطالب التي يرفعها أعوان البريد تركز على حقوقهم الاجتماعية والمهنية، وهي مطالب مشروعة تتعلق بالترقيات وصرف الحقوق المالية، في وقت يعاني فيه القطاع من نقص في الموارد البشرية وتأخر في الإصلاحات الهيكلية. وتضاف هذه المطالب إلى التحديات اليومية التي يواجهها الأعوان في تأدية مهامهم، مما يجعلهم يشعرون أن هناك تجاهلًا لحقوقهم الأساسية من قبل الإدارة.

إن الإضراب في قطاع البريد هو مؤشر على تزايد الاستياء في عدة قطاعات عمومية في تونس، ويعكس الحاجة الملحة إلى الإصلاحات العميقة في مؤسسات الدولة. فإلى جانب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، تواجه تونس تحديات في تحسين مستوى الخدمات العامة، ويعتبر قطاع البريد أحد الأمثلة الواضحة على ذلك. إذا استمرت الإدارة في تجاهل مطالب الأعوان وعدم الاستجابة لها بشكل جاد، فإن التصعيد سيستمر وربما يمتد ليشمل قطاعات أخرى.

في النهاية، يبقى السؤال: هل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب المشروعة وتعمل على إيجاد حلول عاجلة؟ أم أن الأوضاع ستظل على حالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى