بقلم: يسري تليلي
بعد سنوات من الغياب والابتعاد عن الأضواء، عاد نجم الراي الجزائري الشاب مامي ليقف مجددًا على خشبة المسرح، وهذه المرة من بوابة كبرى المهرجانات التونسية، مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والخمسين.
ليلة الجمعة، كان المسرح المكشوف بالمدينة الساحلية في شمال شرق تونس مكتظًا بالجمهور، الذي حضر من مختلف الجهات ليستعيد ذكريات التسعينات وبدايات الألفية، حين كان مامي أحد أبرز نجوم الغناء المغاربي. وعلى مدى ساعة ونصف تقريبًا، أطرب الجمهور بمجموعة من أشهر أغانيه، في أجواء امتزج فيها الغناء بالرقص والحنين.

مامي، الذي بدا متأثرًا بلحظة العودة، صرح قائلاً: “سعيد جدًا أن تكون عودتي من مهرجان الحمامات، هذا الباب الكبير للفن في تونس. صحيح أنني أشعر ببعض الضغط بعد غياب طويل، لكن الجمهور التونسي، مثل الجزائري، له مكانة خاصة في قلبي”.
المغني الذي عرف شهرته منذ سن مبكرة، تعاون مع أسماء عالمية على غرار ستينغ وزوكيرو، قبل أن تتوقف مسيرته فجأة بسبب قضية قضائية في فرنسا حكم فيها بالسجن خمس سنوات. ورغم الإفراج عنه، بقيت مشاركاته الفنية محدودة، في ظل حملات المقاطعة التي قادتها حركات حقوقية نسوية.

ورغم الجدل الذي صاحب إعلان مشاركته في المهرجان بين مؤيد ورافض، فإن الحفل أثبت أن جزءًا كبيرًا من الجمهور لا يزال يحتفظ لمامي بمكانة خاصة في ذاكرته. تقول عبير الشواشي، إحدى الحاضرات: “مامي في مهرجان الحمامات كان هو نفسه مامي التسعينات… صوته، حضوره، وأغانيه التي حملتنا إلى أيام الشباب”.
أما أمين القرقني، فقد انتقد الدعوات لمقاطعة الحفل، معتبرًا أن الفنان “أخطأ ونال عقوبته، ولا يجب الحكم عليه بالإقصاء الأبدي”. بدوره، صابر بوعفيف عبر عن سعادته الغامرة، واصفًا الأمسية بأنها “حلم جميل”، مضيفًا: “مامي بالنسبة لي لم يكن مجرد مغنٍ، بل كان أسطورة غنت مع عمالقة العالم، واليوم أعاد إلينا زمن الذكريات”.
ليلة الحمامات لم تكن مجرد حفل موسيقي، بل كانت شهادة على أن الفن، مهما عصفت به العواصف، قادر على العودة، وأن بعض الأصوات، مثل صوت الشاب مامي، لا يشيخ مهما مرّ الزمن.
