وزارة النقل تتحرك: تطهير داخل الخطوط التونسية ومسؤولون جدد على الخط

🖋️ بقلم: يسري تليلي

في خضمّ موجة الاستياء العارمة التي اجتاحت الرأي العام التونسي جرّاء تدهور خدمات شركة الخطوط التونسية، تحرّكت وزارة النقل بشكل عاجل لإعادة الأمور إلى نصابها داخل هذه المؤسسة التي تمثّل أكثر من مجرّد شركة طيران، بل رمزًا وطنيًا له مكانته التاريخية والمعنوية.

اضطرابات متكررة… واحتقان شعبي

لم تكن الأسابيع الماضية سهلة على المسافرين، خصوصًا مع تكرّر الإضرابات والتعطيلات في برمجة الرحلات، ما أدى إلى تعطيل مصالح آلاف المواطنين داخل تونس وخارجها. الغضب كان واضحًا، والصور التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لم تكن بحاجة إلى تعليق.

وفي ظلّ هذا الوضع، جاء تدخل الدولة على أعلى مستوى، حيث شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على ضرورة وضع حدّ لكل ما من شأنه إعاقة خدمة المواطن، وهو ما دفع وزارة النقل إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الجذرية.

تغييرات في القيادة

أبرز ما جاء في بلاغ الوزارة هو إعفاء السيد حبيب المكي من مهامه كممثل للدولة في مجلس إدارة الشركة وبالتالي من رئاسة المجلس، وتعيين السيد طارق البوعزيزي بدلًا عنه. كما تمّت دعوة المجلس إلى انتخاب رئيس جديد في أقرب الآجال لتأمين السير العادي للعمل.

وفي خطوة أخرى لدعم الجانب الفني، تمّ تكليف المهندس عصام حمام بالإشراف على شركة الخطوط التونسية الفنية، إلى جانب مهامه الأصلية، في رسالة واضحة إلى أهمية الكفاءة والخبرة التقنية في هذه المرحلة.

تأكيد على المسؤولية بالخارج

وفي ما يخص الفروع الخارجية للشركة، أكدت الوزارة على ضرورة التزام رؤساء المحطات وممثلي الخطوط التونسية في الخارج بخدمة المسافرين وتقديم المعلومة الدقيقة، خاصة في الفترات الحرجة. وتم التنبيه إلى أنّ كل تقصير سيتم تتبعه قانونيًا وإدارياً، مع تعويض كل من يخلّ بواجباته بمن هو أهل للثقة والمسؤولية.

ملفات الفساد… قيد التتبع

ولم يغفل بلاغ الوزارة الإشارة إلى القضايا المتعلقة بالفساد المالي والإداري التي يُعتقد أنها من بين الأسباب الرئيسية لما آلت إليه الشركة. وأكدت أنها تتابع عن كثب مآل هذه الملفات، في إشارة إلى أن الحساب قادم، وأن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى.

بين الرمز والواقع

“الغزالة” التي لطالما كانت مفخرة التونسيين، باتت اليوم في حاجة ماسّة إلى من ينقذها من الغرق ويعيد لها ألقها وسط الأجواء المضطربة التي تعيشها البلاد. قرارات وزارة النقل خطوة أولى على هذا الطريق، لكنها لن تكون كافية ما لم ترافقها إرادة حقيقية للإصلاح، ومحاسبة شفافة لكل من أضرّ بالمؤسسة والمواطن.

تبقى الآمال معلّقة، ليس فقط على التغيير الإداري، بل على بناء ثقافة جديدة داخل المؤسسة، أساسها الانضباط، الشفافية، وخدمة المواطن قبل كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى