
بقلم: جيلاني فيتوري– tunisiamag
بين سطور حديثه المتّزن، تنسج قصة محمد الحبيب بن رمضان خيوط الإلهام، وتكتب فصلاً جريئًا من فصول النجاح التونسي في المهجر.
هو مهندس مختص في الهندسة المدنية، حمل شهادته وحقائبه وهاجر بحثًا عن فرصة. البداية كانت من أثينا، العاصمة اليونانية، حيث عمل في مركز نداء لفترة لم تتجاوز السنة. تجربة أولى في الغربة لم تكن سهلة، لكنها شكّلت له مدخلًا نحو أفق جديد.
يقول محمد الحبيب بن رمضان في هذا السياق:
“لم أكن أبحث فقط عن راتب، بل عن مشروع حياة… عن مجال أضع فيه بصمتي.”

اختار مدغشقر وجهة ثانية، بلد لم يكن مألوفًا لكثير من التونسيين. وهناك، بدأ من الصفر مجددًا. التحق في البداية بعمل بسيط، براتب يعادل ما كان يتحصّل عليه في اليونان. لكن سرعان ما وضع أولى لبنات مشروعه الخاص في قطاع المقاولات، الذي سرعان ما تطوّر ليصبح مجموعة شركات تعمل في عدّة مجالات، يقودها اليوم بثقة واحتراف.
لم تكن قصة بن رمضان محصورة في الجانب المهني فقط، بل امتدت إلى العمل الجمعياتي، حيث أسس في مدغشقر ودادية التونسيين المقيمين هناك، سعيًا إلى توحيد الجالية ودعم التواصل بينها. ثم مضى إلى خطوة استراتيجية أكبر، فكان وراء تأسيس الغرفة الاقتصادية التونسية الملغاشية، وهي فضاء مؤسساتي يُعنى بتقوية العلاقات الاقتصادية، وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين.

في إطار هذه المبادرات، يعلن بن رمضان أن سنة 2026 ستشهد تظاهرة اقتصادية تونسية ملغاشية بالعاصمة أنتاناناريفو، بمشاركة وفد من رجال الأعمال التونسيين، بهدف بحث فرص الشراكة والاستثمار، على أن يُنظّم لاحقًا وفد أعمال ملغاشي إلى تونس في نهاية العام نفسه.
لكن ما يميّز هذا الحوار، هو الرسالة القوية التي يوجّهها للشباب التونسي، إذ يقول:
“إفريقيا اليوم هي أرض الفرص… السوق في مدغشقر وغيرها من الدول الإفريقية ما تزال بكراً، وتحتاج إلى كفاءات وعقول شابة. أنصح شبابنا بعدم الاقتصار على أوروبا، فالقارة السمراء تفتح ذراعيها لمن يؤمن بالعمل والمبادرة.”


ويضيف:
“النجاح لا يُهدى، بل يُنتزع بإرادة وعمل. وأنا واحد من هؤلاء الذين آمنوا بالقارة، ووجدوا فيها مساحة واسعة للحلم.”محمد الحبيب بن رمضان ليس مجرد رجل أعمال مهاجر، بل هو قصة وطن صغير تتحرك في الجغرافيا الكبرى. نموذجٌ لما يمكن أن يكون عليه التونسي حين يمتلك الرؤية، ويؤمن بنفسه، ويعمل دون كلل.