
في وقت يعاني فيه العديد من القطاعات الاقتصادية في تونس من ضغوطات، تتزايد ظاهرة هجرة المهندسين التونسيين إلى الخارج بشكل ملحوظ. وفقًا لما أعلنه عميد المهندسين التونسيين، كمال سحنون، فقد غادر نحو 39 ألف مهندس تونسي من مجموع 90 ألف مهندس مسجلين في عمادة المهندسين، ما يشير إلى نسبة كبيرة من الهجرة المهنية التي تشهدها البلاد.
ظاهرة هجرة الكفاءات التونسية
تُعد هجرة الكفاءات التونسية، وخاصة المهندسين، من أبرز التحديات التي تواجهها تونس في السنوات الأخيرة. فالعديد من المهندسين الذين يُعتبرون من أصحاب المؤهلات العالية، يجدون أنفسهم مضطرين للبحث عن فرص عمل أفضل في الخارج نتيجة للعديد من العوامل التي تؤثر في سوق العمل التونسي.
الأسباب وراء الهجرة
هناك العديد من الأسباب التي دفعت بهذا العدد الكبير من المهندسين لمغادرة تونس، منها:
- الأزمة الاقتصادية المحلية: يعاني الاقتصاد التونسي من عدة صعوبات، مما أثر بشكل مباشر على فرص العمل والرواتب في العديد من القطاعات، بما في ذلك القطاع الهندسي. العديد من المهندسين لم يجدوا فرصًا وظيفية تتناسب مع مستوى تعليمهم وتخصصاتهم.
- ضعف العوامل الجاذبة: بالرغم من وجود بعض فرص العمل، إلا أن العوامل الجاذبة للعمل في تونس تبقى ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى التي تقدم بيئات عمل أكثر استقرارًا ورواتب أعلى، ما يجعل المهندسين يفضلون مغادرة البلاد.
- فرص أكبر في الخارج: الدول مثل كندا وألمانيا والسعودية تمثل وجهات رئيسية للمهندسين التونسيين، حيث تقدم هذه الدول رواتب مغرية، فرص تطور مهني، وبيئات عمل أكثر تقدمًا. كل هذه العوامل تدفع بالمهندسين إلى اتخاذ قرار الهجرة.
تأثير الهجرة على تونس
تعد هذه الظاهرة مصدر قلق كبير بالنسبة للاقتصاد الوطني. فكل مهندس يغادر البلاد يمثل خسارة كبيرة للقطاع الهندسي الذي يعتمد على كفاءاته في تطوير المشاريع الوطنية والمساهمة في تقدم الصناعات المحلية.
لكن من جهة أخرى، يمكن أن يكون لهذه الهجرة جانب إيجابي، حيث يمكن للمهندسين العائدين إلى تونس بعد اكتساب خبرات جديدة أن يسهموا في نقل هذه المعرفة إلى سوق العمل المحلي، مما يساعد على رفع مستوى القطاع في المستقبل.
ماذا يجب على السلطات التونسية فعله؟
لمواجهة هذه الظاهرة، يتعين على السلطات التونسية اتخاذ خطوات جادة لتحسين بيئة العمل في البلاد، من خلال:
- تحسين الأجور وظروف العمل: يجب أن تُراعى احتياجات المهندسين في ما يتعلق بالرواتب والفرص المهنية، مع ضرورة تحسين البنية التحتية للقطاع الهندسي.
- تعزيز التعليم والتدريب: يمكن للمهندسين أن يكونوا أكثر استعدادًا للعمل في مختلف القطاعات إذا تم توفير برامج تدريبية وتطويرية تساعدهم على الاندماج في سوق العمل المحلي بشكل أفضل.
- تشجيع الابتكار: يجب تشجيع المشاريع الابتكارية وريادة الأعمال في المجال الهندسي، من خلال دعم المبدعين في هذا القطاع وتحفيزهم على البقاء في تونس.
الهجرة المتزايدة للمهندسين التونسيين إلى الخارج تمثل تحديًا كبيرًا لتونس، ويجب أن تكون هناك إجراءات واضحة وسريعة من قبل السلطات للحفاظ على الكفاءات الوطنية. لكن في نفس الوقت، تظل هذه الهجرة فرصة لنقل الخبرات والتجارب الدولية التي يمكن أن تساهم في تطور القطاع الهندسي التونسي على المدى البعيد.