السيدة حياة الدوس: قصة نجاح بين السماء والأرض

في عالم الأعمال، تتقاطع أحيانًا قصص النجاح مع الجذور العميقة، تمامًا كما تتشابك أغصان الزيتون في الحقول الممتدة. السيدة حياة الدوس، سيدة تونسية عاشت لسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية كمضيفة طيران، اختارت أن تعود إلى أرض الوطن لتستثمر في إرثها العائلي وتواجه التحديات بعزيمة لا تلين

من السماء إلى الحقول

لم تكن الرحلة سهلة، فمن حياة السفر الدائم بين القارات، والتعامل مع ثقافات متعددة، إلى العودة إلى تونس لمشروع فلاحي يحمل بين طياته الكثير من المخاطرة. تقول حياة في إحدى محادثاتها مع الأصدقاء: “كنت أشاهد والدي، ذلك الفلاح البسيط، يعتني بأشجار الزيتون بحب وتفانٍ. كنت صغيرة آنذاك، لكن المشهد ظل محفورًا في ذاكرتي. أدركت بعد سنوات أن تلك الأشجار لم تكن مجرد مصدر رزق، بل كانت رمزًا للهوية والصمود.”

العودة إلى الجذور وبداية الاستثمار

القرار لم يكن سهلًا، لكن الشغف كان دافعًا أقوى من كل المخاوف. بدأت حياة رحلتها في قطاع الزيتون بإحداث معصرة صغيرة، مستفيدة من خبراتها في الخارج لتطوير معايير الإنتاج والجودة. تدريجيًا، توسعت أعمالها إلى معصرة ثانية، ومعها بدأت تفكر في آفاق أوسع، فلم تعد تكتفي بالسوق المحلية، بل اتجهت نحو التصدير إلى الولايات المتحدة، البرتغال، ودول أخرى.

علامة تجارية عالمية

لم تكتفِ حياة بإنتاج زيت الزيتون، بل حرصت على تقديمه في أرقى صورة من خلال علامتها التجارية الخاصة، التي وضعت بصمتها في الأسواق العالمية. تقول بفخر في إحدى المناسبات: “أردت أن أقدم زيت الزيتون التونسي بلمسة عصرية، تحافظ على جودته الأصيلة وتواكب المعايير العالمية. اليوم، حين أرى علامتي التجارية تُعرض في متاجر كبرى خارج تونس، أشعر أنني نجحت في نقل تراثنا إلى العالم.”

اعتمدت حياة على تقنيات حديثة في التعليب والتسويق، مما جعل منتجها يلقى إقبالًا واسعًا في الأسواق الأجنبية. فالمستهلكون اليوم لا يبحثون فقط عن زيت زيتون عالي الجودة، بل عن منتج يعكس قصة أصالته، وهذا ما نجحت حياة في تحقيقه.

التحديات والنجاحات

لم تخلُ المسيرة من العقبات، فالتعامل مع السوق الدولية، ومتطلبات التصدير، ومعايير التغليف والتسويق العالمية، شكلت تحديات كبرى. لكن حياة لم تتراجع، بل واصلت تطوير منتوجها، حتى أصبحت علامتها التجارية منافسًا قويًا في أسواق مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

نظرة إلى المستقبل

اليوم، باتت حياة الدروس من الأسماء البارزة في مجال تصدير زيت الزيتون، وهي لا تنوي التوقف عند هذا الحد. تخطط لتوسيع نشاطها، والدخول إلى أسواق جديدة، والترويج أكثر للمنتج التونسي. وربما، كما قالت ذات مرة لأحد الصحفيين: “رحلتي لم تنتهِ بعد، فما زال هناك الكثير من أشجار الزيتون التي تنتظر أن تحكي قصصها للعالم.”

جيلاني فيتوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى