مجلس المرأة العربية للتدريب والتمكين ينظم ندوة دولية حول الطقوس والعادات في المجتمعات العربية

يعتبر شهر رمضان المبارك مناسبة ذات طابع خاص في المجتمعات العربية، حيث تجتمع فيه العادات والتقاليد التي تعكس التراث الثقافي والديني لكل بلد. هذه الطقوس الرمضانية ليست فقط ممارسات دينية، بل هي أيضاً تعبير عن الهوية الثقافية والتماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع. في الندوة الدولية التي نظمتها “مجلس المرأة العربية للتدريب والتمكين” والتي جمعت دول الجزائر، تونس، لبنان، فلسطين، والكويت، تم تسليط الضوء على بعض هذه الطقوس والعادات في المجتمعات العربية.


دور الأسرة في تعزيز طقوس رمضان: تجربة الجزائر

في الجزائر، تناولت البروفيسورة نادية بوضياف، أستاذة علم الاجتماع في جامعة قاصدي مرباح ورقلة، دور الأسرة في تعليم الأبناء طقوس شهر رمضان. أكدت أن الأم العاملة لها دور جوهري في توجيه الأبناء إلى أهمية الشهر الكريم، مع تنظيم أوقاتهم بين الدراسة وأجواء رمضان. كما تناولت في مداخلتها العادات الغذائية الجزائرية، مشيرة إلى أن الحلويات الجزائرية تتنوع بشكل كبير، حيث قد تصل إلى عشرة أصناف، تتبادلها الأسر والجيران، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويخلق أجواء من الفرح والتضامن.


الملابس التقليدية وعادات الطعام في تونس

تعتبر تونس من الدول التي تتميز بطقوس رمضانية فريدة. الإعلامية التونسية عفاف الخنيسي تحدثت في مداخلتها عن الزيارات والسهرات الرمضانية التي تتضمن ارتداء الملابس التقليدية التونسية المتنوعة ذات الأصول القرطاجية والبربرية والأمازيغية. كما تطرقت إلى الأطباق التي تشتهر بها كل ولاية تونسية، مثل الشربة والبريك والسلطة المشوية. وأكدت على عادة “حق الملح”، حيث يُهدى قطعة مصاغ من الذهب للأم أو السيدة التي طبخت طوال الشهر في آخر يوم من رمضان أو صباح العيد، تكريماً لجهودها.


لبنان: فرحة رمضان رغم التحديات

في لبنان، تحدثت السيدة ديانا الشيخ عن أجواء رمضان التي تتميز بتنوع الأطباق ومظاهر الاحتفالات المشتركة بين الدول العربية الأخرى. ورغم الظروف الصعبة التي مر بها لبنان مؤخراً، أكدت أن رمضان يأتي ليبعث البسمة على وجوه الناس. من جانبها، أوضحت الدكتورة ليلى خليل أهمية التجمعات العائلية في شهر رمضان، حيث تحرص النساء على الاجتماع في منازل بعضهن لأداء صلاة التراويح معاً. كما شددت على أن لبنان يتشارك مع الدول العربية الأخرى في الاحتفالات الخاصة بليلة القدر التي تُعتبر ليلة مباركة يكثر فيها الدعاء والروحانيات الجميلة.


فلسطين: الحياة والأمل في ظل الظروف الصعبة

الإعلامية بيسان المبحوح من غزة، فلسطين، عبرت عن الصعوبات التي يمر بها الشعب الفلسطيني في هذا الشهر المبارك. في غزة، لا يستطيع العديد من الأشخاص سماع الأذان عند الإفطار بسبب الأوضاع الراهنة، إلا أن الفلسطينيين ما زالوا يعيشون روح رمضان ويبعثون الأمل في قلوبهم عبر العبادة والأعمال الصالحة، مؤكدة أن شهر رمضان يعد فرصة للإنفراج الروحي والمجتمعي رغم التحديات.


الكويت: القريقعان… تقليد شعبي يعزز الفرحة

أما في الكويت، فقد تحدثت الدكتورة هدى يعقوب يوسف عن عادة “القريقعان”، التي تمثل تقليداً شعبياً يتميز به شهر رمضان في الكويت. حيث يلبس الأطفال ملابس شعبية وفلْكلورية ويذهبون إلى الجيران وهم يغنون أنشودة خاصة بالمناسبة. في المقابل، يقوم الجيران بإعطائهم الحلويات في أجواء مليئة بالبهجة والسرور. تعتبر هذه العادة من أبرز الطقوس الرمضانية في الكويت، التي تعكس تلاحم المجتمع وفرحة الأطفال في هذا الشهر المبارك.


الطقوس الرمضانية: بين التقاليد والتحديات

تُظهر الطقوس الرمضانية في المجتمعات العربية تمازجًا فريدًا بين الديني والثقافي والاجتماعي. ورغم التغيرات التي شهدتها بعض هذه الطقوس بسبب التطورات الاجتماعية والاقتصادية، فإن الكثير من العائلات ما زالت تحرص على الحفاظ على هذه التقاليد. ففي كل دولة، يتم تحضير المؤونة الغذائية والاحتفال بلمّة العائلة حول مائدة الإفطار، إضافة إلى تبادل الأطباق بين الجيران في تقليد يعزز روح التعاون والتكافل.


ختامًا: رمضان كفرصة للتماسك الاجتماعي

بإجمال، تعتبر الطقوس الرمضانية في الدول العربية فرصة للتواصل الاجتماعي وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. هذه العادات ليست مجرد طقوس دينية، بل هي جزء أساسي من التراث الثقافي الذي يتم نقله عبر الأجيال. ورغم التحديات التي قد تطرأ على هذه الطقوس بسبب العصر الحديث، إلا أن شهر رمضان يظل رمزًا للوحدة والتضامن بين العرب، مما يعكس أهمية هذه المناسبة في الحفاظ على الهوية الثقافية والتماسك الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى