‘جرانتي العزيزة’..حين تبوح الكمنجة بواقع المجتمع التونسي

صرّح  المخرج المسرحي فاضل الجزيري ليلة أمس في برنامج Culture plus أنّ  مسرحيته الجديدة “جرانتي العزيزة”، تتجاوز كونها مجرد عرض فني، لتصبح انعكاسًا لواقع موسيقي، سياسي، واجتماعي معقّد. فالمسرحية ليست فقط تجربة فنية، بل توثيق حيّ للحظات مفصلية يعيشها المجتمع التونسي، حيث تلتقي الموسيقى بالمسرح، ويتفاعل الواقع مع الخيال، ويُعاد تشكيل الأحداث على خشبة المسرح بلغة تجمع بين الدراما، الغناء، والشعر.

من الدراما إلى الخرافة… والمسرح التفاعلي

يرى الجزيري أن “جرانتي العزيزة” لا تنتمي للمسرح التقليدي، بل هي عرض تفاعلي يكسر الجدار الرابع، ويجعل الجمهور جزءًا من الحدث المسرحي.

فالمسرحية تقدم صورًا وأحداثًا بطريقة سردية – قصصية – مسرحية، حيث تُعاد صياغة الوقائع في إطار خرافي يحمل في طياته إشارات عميقة للواقع، مما يعكس العلاقة الجدلية بين المسرح والحياة.

موسيقى تروي الواقع

كما عبّر أنّ  آلة الكمنجة تلعب دورًا مركزيًا في المسرحية، ليس فقط كأداة موسيقية، بل كصوت يحكي ويروي ويعبر عن حال المجتمع.

فالشخصية المحورية “جرايني”، عازف الكمنجة، ليست مجرد شخصية خيالية، بل تمثّل صوت الفنان في مواجهة التحديات، تمامًا كما أن الكمنجة قادرة على أن تكون “رقيقة ولكنها قوية”، وهو وصف ينطبق على واقع الفنانين في تونس، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة قيود اجتماعية وثقافية، لكنهم رغم ذلك قادرون على إيصال صوتهم والتأثير في محيطهم.

التوثيق كضرورة مسرحية

شدّد الجزيري على أن العمل المسرحي لا يمكن أن يكون منفصلًا عن مجتمعه، بل يجب أن يكون توثيقًا للأحداث الاجتماعية، السياسية، والثقافية. فالمسرحية، بطرحها الفني العميق، لا تنقل الواقع فقط، بل تعيد قراءته وتحليله، مؤكدًا أن “التوثيق ليس خيارًا، بل ضرورة”، لأنه يضمن بقاء الذاكرة الجماعية حية.

مسرح بين الفن والسياسة

تعكس “جرانتي العزيزة” تقاطع الفن مع السياسة، حيث يطرح الجزيري تساؤلات حول حرية التعبير، ودور الفنان في مجتمعه، وأهمية الاعتراف بالإبداع.. فهو يعتبر أن الاعتراف بالعمل الفني ليس دائمًا مضمونًا، لكنه يظل مساحة حرة للنقاش والتفاعل، مما يعكس طبيعة المسرح كمجال يجمع بين التأييد والرفض، وبين الاحتفاء والنقد.

“بلاد بلا موسيقى ماهيش بلاد”

إيمان الجزيري العميق بدور الموسيقى في تشكيل الهوية الثقافية يظهر جليًا في المسرحية، حيث تصبح الموسيقى ليست فقط عنصرًا جماليًا، بل لغة احتجاج، ورمزًا للمقاومة الفنية والثقافية. فهو يرى أن الفن رغم تفرّعه إلا أنه يتقاطع في نقاط معينة، ويخلق مفارقة تجمع وتفرّق في آنٍ واحد، تمامًا كما تفعل السياسة والثقافة في المجتمع.

نحو مسرح يخاطب الشباب

كما أكد الجزيري أن الفن يجب أن يتوجه للشباب، معتبرًا أن المسرح لا يمكن أن يزدهر دون الانخراط في قضايا الجيل الجديد.

ورغم التحديات، فإن “جرانتي العزيزة” تثبت أن المسرح يمكن أن يكون فضاءً للحوار، ومجالًا لإعادة قراءة التاريخ، والموسيقى، والسياسة بلغة فنية راقية تكتمل بمشاركة الشباب كعنصر محوري في أعمال ” الجزيري” .

مشروع “الهلالية”: امتداد للتوثيق المسرحي

إلى جانب “جرانتي العزيزة”، كشف الجزيري عن مشروع جديد بعنوان “الهلالية”، مستوحًى من جازية الهلالية والطاهر قيقة، في محاولة لاستكشاف الموروث التونسي ضمن رؤية حديثة، تؤكد استمرار نهجه في تقديم أعمال توثّق الواقع من خلال المسرح , مشروع بالشراكة بين مركز الفنون جربة ومسرح أوبرا تونس. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى