
بقلم جيلاني فيتوري
من عمق الجنوب التونسي، وتحديدًا من إذاعة قفصة الجهوية، برزت الإعلامية بسمة عماري كواحدة من أبرز الوجوه الإذاعية التي تمكنت من صنع بصمة خاصة في المشهد السمعي التونسي، بفضل حضورها المتميز، صوتها الدافئ، وتفاعلها الإنساني العميق مع قضايا الناس.
منذ التحاقها بالإذاعة، أظهرت بسمة شغفًا كبيرًا بالإعلام الهادف، وتنوعت تجاربها بين البرامج الاجتماعية والثقافية والترفيهية، لكنها وجدت ذاتها أكثر في البرامج التي تلامس وجدان المستمع وتقترب من تفاصيل حياته اليومية. من بين هذه التجارب، كان برنامجها “ريحة البلاد” المحطة الأبرز في مسيرتها.
يُعد “ريحة البلاد” من البرامج الإذاعية التي نجحت في خلق صدى واسع داخل تونس وخارجها، إذ اهتمّ بالمهاجرين التونسيين المنتشرين في مختلف أصقاع العالم، فكان بمثابة جسر تواصلي يربطهم بوطنهم الأم، ويعيد إلى الذاكرة عبق التراب التونسي ودفء العائلة وأصوات المدن والقرى التي غادروها.
من خلال فقرات البرنامج وحواراته الإنسانية، استطاعت بسمة عماري أن تفتح نوافذ من الأمل، وأن تقدّم للمهاجرين منبرًا للتعبير عن مشاعرهم، نجاحاتهم، وتحدياتهم في الغربة. كما عملت على نقل أصواتهم إلى الداخل التونسي، لتذكّر بأن المهاجرين جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني، وأن ارتباطهم بالبلاد يظل حيًا مهما ابتعدت المسافات.
ولم يكن نجاحها وليد الصدفة، بل ثمرة عمل متواصل، وإيمان برسالة الإعلام القريب من الناس. فهي تحرص على أن يكون خطابها الإذاعي بسيطًا وصادقًا، يعكس روح الجنوب، ويعبّر عن التونسيين بلهجتهم ووجدانهم، دون تصنّع أو افتعال.
عرفت بسمة عماري أيضًا بحسّها الاجتماعي العالي ومشاركتها في عديد الأنشطة الثقافية والخيرية، إلى جانب دعمها للمواهب الشابة في المجال الإعلامي. وتُعتبر من الأصوات النسائية التي ساهمت في ترسيخ مكانة المرأة الإعلامية في الإذاعات الجهوية، من خلال المهنية والالتزام بقضايا المجتمع.
ومع كل حلقة جديدة من “ريحة البلاد”، تواصل بسمة الوفاء لرسالتها الإعلامية، لتبقى صوتًا صادقًا يحمل عبق تونس إلى كل المهاجرين، ويذكّرهم دائمًا بأن ريحة البلاد ما تغيبش عن القلب.



