
كتب جيلاني فيتوري
من عمق الرقاب، مهد الزيتون وعبق الأرض الطيبة، يشقّ الفلاح محمد المسعودي طريقه بثبات ليكون أحد الوجوه البارزة في مجال إنتاج زيت الزيتون في تونس. رجل لم يكتفِ بحصاد الزياتين من هكتاراته الواسعة، بل اختار أن يمنح ثمرة جهده هويّة وعلامة، أطلق عليها بكل فخر اسم “هوبا”، لتصبح عنواناً للجودة والأصالة في عالم زيت الزيتون المعلّب.



المسعودي الذي تربّى على حب الأرض والفلاحة، لم يرَ في الزيتون مجرد شجرة، بل هوية وذاكرة وتاريخ. ومن هذا الإيمان، انطلق في رحلة تطويرية بدأها من الرقاب، حيث يمتلك مساحات شاسعة من أشجار الزيتون، وصولاً إلى منطقة سهلول بسوسة، أين أسس فضاءً مميزاً يربط بين المنتج والمستهلك مباشرة، في تجربة نادرة تضمن الجودة والسعر العادل وتختصر حلقات الوساطة.






علامة “هوبا” لزيت الزيتون المعلّب، التي اختار لها اسمًا مستوحًى من الموروث الشعبي التونسي، تسوّق اليوم منتجاً ذا جودة عالية، موجهاً للأسواق المحلية، ومتطلعاً أيضاً نحو التصدير. وقد لاقت استحساناً كبيراً من الحرفاء بفضل ما تتميز به من نكهة أصيلة وتعبئة عصرية، تجمع بين الحداثة وعبق التراث.
يرى محمد المسعودي أن الفلاحة ليست فقط مهنة، بل مشروع حياة، ورسالة وطنية واقتصادية وثقافية. وهو يطمح من خلال مشروعه إلى تثمين المنتوج المحلي وتشجيع الفلاحين على التحول من الإنتاج العشوائي إلى الترويج الذكي القائم على الجودة والتغليف والتسويق.
وفي زمن ترتفع فيه الأصوات المطالبة بسيادة غذائية حقيقية، يشكّل المسعودي نموذجاً للفلاح العصري، المتمسك بجذوره، والمندمج في روح العصر، حاملاً زيت بلاده من الحقل إلى القارورة، ومن القارورة إلى قلوب التونسيين.