شيماء بوقميزة: من تونس إلى باريس ثم بالرمو… رحلة كفاح وتحدي في بلاد الغربة

حوار : جيلاني فيتوري

في أحد المقاهي القديمة بمدينة بالرمو الإيطالية، حيث تختلط رائحة القهوة الإيطالية بنسيم البحر، شيماء بوقميزة، تونسية اختارت الهجرة، لا فقط بحثًا عن فرصة، بل بحثًا عن ذاتها. بدأت رحلتها من تونس إلى باريس، حيث عملت في مهن مختلفة قبل أن تنتقل إلى إيطاليا وتجد طريقها في التجارة وصناعة المحتوى الرقمي. بين قصص الهجرة والتحديات والطموحات، كان هذا الحوار.


◀ كيف بدأت رحلتك مع الهجرة؟

✦ “في البداية، لم أكن أخطط للبقاء خارج تونس. حصلتُ على تأشيرة عادية إلى فرنسا، وكان هدفي زيارة باريس والاستمتاع بالتجربة، لكن شيئًا ما بداخلي جعلني أفكر في البقاء. كنت أشعر أنني أحتاج إلى تجربة جديدة، أن أكتشف ماذا يمكنني أن أفعل بعيدًا عن موطني عن أهلي و احبابي”

◀ ألم يكن قرارًا صعبًا؟ خاصة أنك كنتِ في بلد غريب دون أوراق إقامة دائمة؟

✦ “طبعًا كان صعبًا. وجدتُ نفسي في باريس، مدينة الفرص والصعوبات معًا، دون شبكة دعم قوية. اضطررت إلى العمل في وظائف شاقة لم أكن أتخيلها، من التنظيف إلى المطاعم، ومن البيع في المحلات إلى وظائف إدارية بسيطة. لكن في كل وظيفة كنت أتعلم شيئًا جديدًا، وأشعر أنني أقرب إلى هدفي حتى لو لم أكن أعرفه بعد.”

◀ بعد سنوات في باريس، لماذا قررتِ الانتقال إلى بالرمو؟

✦ “فرنسا كانت جيدة، لكنها لم تكن المكان الذي أريد أن أبقى فيه للأبد. كنت أبحث عن بيئة أقرب إلى ثقافتي، مكان يمنحني مساحة للتحرك بحرية أكثر. إيطاليا، وبالتحديد بالرمو، بدت خيارًا مناسبًا، خاصة مع الفرص المتاحة في التجارة بين تونس وإيطاليا.”

◀ حدثينا عن تجربة التجارة، كيف دخلتِ هذا المجال؟

✦ “بدأ الأمر بصدفة. كنت أرى أن هناك طلبًا على المنتجات التونسية هنا في إيطاليا، ومن جهة أخرى، التونسيون يحبون المنتجات الإيطالية. بدأت بتجربة صغيرة، جلبت بعض المنتجات التونسية وبعتها في دوائر ضيقة، ثم توسع الأمر شيئًا فشيئًا حتى أصبح لدي شبكة عملاء وموردين.”

◀ إلى جانب التجارة، أصبحتِ ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة إنستغرام وتيك توك، كيف بدأ ذلك؟

✦ “بكل بساطة، كنت أشارك يومياتي، تجاربي، وحتى الصعوبات التي واجهتها كمهاجرة. لم يكن هدفي أن أصبح ‘مؤثرة’ أو صانعة محتوى، لكنني لاحظت تفاعل الناس مع ما أقدمه. بدأت أتلقى أسئلة عن الهجرة، العمل، وحتى عن الحياة اليومية هنا. شيئًا فشيئًا، تحوّل الحساب إلى منصة للنقاش والتواصل، واليوم لدي مجتمع يتابعني ويشارك معي كل خطوة في رحلتي.”

◀ ما طبيعة المحتوى الذي تقدمينه؟

✦ “أحاول أن يكون متنوعًا. أشارك نصائح حول الهجرة والعمل، أتكلم عن تجربتي الشخصية بصدق، أنقل تفاصيل الحياة في أوروبا دون تزييف أو مبالغة، وأحيانًا أضيف لمسة من الكوميديا لأن الحياة تحتاج إلى بعض الضحك أيضًا!”

◀ هل تفكرين في العودة إلى تونس يومًا ما؟

✦ “تونس في قلبي دائمًا، وأنا في زيارات مستمرة. لكن العودة النهائية؟ لا أعلم. أشعر أنني بنيت عالمي هنا، وأحب الحياة التي صنعتها لنفسي، لكنني لا أستبعد أي احتمال في المستقبل.”

◀ بعد كل هذه الرحلة، كيف ترين نفسك اليوم

✦ “أرى نفسي امرأة لم تخف من التجربة. لم يكن لدي طريق واضح، لكنني كنت مستعدة للسير في أي طريق أجد فيه نفسي. النجاح ليس أن تصل إلى نقطة معينة، بل أن تكون قادرًا على التكيف مع كل ما يأتي في طريقك.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى