
جيلاني فيتوري
في زمن تتعالى فيه نداءات التضامن وتتراجع فيه أحيانًا إمكانيات الفعل، تُثبت جمعية “تواصل” بمدينة ميلانو أنّ المبادرات الخيرية يمكن أن تكون شعلة أمل حقيقية لمن تقطعت بهم السبل، وأن الجالية التونسية في المهجر قادرة على صنع الفارق كلما تعلق الأمر بالواجب الإنساني.
فمنذ تأسيسها، اختارت جمعية “تواصل” التي اسستها المرأة الفاضلة السيدة هدى بوسيف أن تكون أكثر من مجرد كيان جمعياتي تقليدي، بل تحوّلت إلى فضاء حيوي للدعم والإسناد، يربط بين المواطنين التونسيين في إيطاليا وأبناء وطنهم المحتاجين في الداخل، عبر مبادرات صحية وإنسانية نوعية.
آخر هذه المبادرات تمثّلت في التكفل الكامل بحالة إنسانية دقيقة، تمثّلت في الطفل “أوبي”، البالغ من العمر 4 سنوات، والذي يُعاني من تشوه خلقي على مستوى القلب. ولم تتردد الجمعية في تحمل التكاليف المادية واللوجستية لرحلته العلاجية، انطلاقًا من تونس وصولًا إلى إيطاليا، حيث تم استقباله رفقة والدته يوم 2 جويلية 2025 بمطار “Malpensa” بميلانو، في كنف الحفاوة والاحتضان.
وتُجرى عملية القلب الدقيقة في مستشفى “سان دوناتو” المتخصص، وذلك بعد أن تولت الجمعية إدارة الملف الطبي والتنسيق مع الطاقم المختص، وتوفير كل ما يلزم لضمان أفضل ظروف الرعاية والعلاج.



تجربة إنسانية تُجسّد القيم
ما تقوم به جمعية “تواصل” لا يقف عند حدود الدعم الصحي، بل يشمل مجالات متعددة كالمرافقة الاجتماعية، وتسهيل الإدماج، وتعزيز الروابط الثقافية بين الجالية ووطنها الأم. وقد استطاعت الجمعية، بفضل مجهودات أعضائها ومسانديها، أن تتحول إلى مرجع في العمل الجمعياتي الجاد والمسؤول، وأن تكتسب ثقة العشرات من العائلات والمؤسسات داخل تونس وخارجها.
إن ما تحقق في ملف الطفل “أوبي” ليس سوى مثال من بين عشرات الأمثلة التي تعكس فلسفة جمعية تؤمن أن الإنسانية لا وطن لها، وأن الفعل النبيل لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى إخلاص وصدق ومسؤولية.
كلمة شكر مستحقة
في عالم يتسارع فيه كل شيء، يبقى التوقف عند مثل هذه المبادرات واجبًا أخلاقيًا، لأن الاعتراف بالجميل جزء من بناء ثقافة التضامن.
فشكرًا لجمعية “تواصل” و رئيستها السيدة هدى بوسيف ولكل من يدعمها،
وشكرًا لكل من يؤمن بأن الخير لا يُقاس بالحجم، بل بالأثر.