تونس والنرويج: شراكة عريقة وآفاق واعدة

في ختام جولته إلى عدد من دول الشمال الأوروبي، أجرى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، السيد محمد علي النفطي، يوم 5 جوان 2025، لقاءً رفيع المستوى مع نظيره النرويجي إسبن بارت إيدي (Espen Barth Eide)، وزير الشؤون الخارجية لمملكة النرويج. وتندرج هذه الزيارة في إطار تعزيز علاقات الصداقة التاريخية التي تربط بين البلدين منذ سنة 1958، والعمل على مزيد تطويرها على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

من أجل تعاون أشمل وأعمق

أبرز الوزير التونسي أهمية البناء على الإرث الدبلوماسي العريق الذي يجمع البلدين، داعيًا إلى تكثيف التشاور السياسي وتبادل الزيارات رفيعة المستوى، إلى جانب الدفع نحو شراكة اقتصادية أعمق تشمل قطاعات استراتيجية على غرار الزراعة، تربية الأسماك، التعليم العالي، الانتقال الطاقي، حماية البيئة، الاقتصاد الأزرق، والبحث العلمي.

من جانبه، عبّر الوزير النرويجي عن تقديره الكبير للعلاقات المتميزة التي تربط بلاده بتونس، مؤكدًا على استعداد النرويج لمزيد توسيع مجالات التعاون الثنائي، وخاصة في إطار العمل المشترك في حفظ السلام في إفريقيا، آليات تمويل التنمية، وتنسيق الترشحات للمناصب الأممية.

كما نوّه الوزير النرويجي بمبادرة رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيّد، الهادفة إلى تعزيز الدبلوماسية متعددة الأطراف سنة 2025، وذلك بالتزامن مع إحياء الذكرى الثمانين لتأسيس منظمة الأمم المتحدة.

موقف ثابت من القضية الفلسطينية

وتطرّق اللقاء أيضًا إلى التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث جدّد السيد محمد علي النفطي تأكيد تونس على دعمها الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، مشيدًا بالموقف النرويجي المتقدّم الداعم للقضية الفلسطينية واعترافه بالدولة الفلسطينية.

نحو شراكة تنموية مستدامة

وفي إطار دعم التعاون التنموي، التقى الوزير التونسي أيضًا بنظيره النرويجي المكلف بالتعاون الإنمائي، السيد أوسموند غروفر أوكروست (Åsmund Grøver Aukrust). وتم خلال اللقاء بحث سبل توسيع المشاريع المشتركة وتنويعها في قطاعات تقوم على اقتصاد المعرفة وتحقق قيمة مضافة عالية، مثل الطاقات المتجددة، الاقتصاد الأخضر، وتكنولوجيات الاتصال.

وقد عبّر الوزير النرويجي عن استعداد بلاده لتعزيز الشراكة مع تونس سواء ثنائياً أو في إطار التعاون الثلاثي ومتعدد الأطراف، مشيدًا بما تزخر به تونس من فرص واعدة للاستثمار والشراكة.

الاستثمار في تونس: فرصة للنرويجيين

تضمن برنامج الزيارة أيضًا لقاءً اقتصادياً جمع الوزير بعدد من الفاعلين النرويجيين وممثلي كبرى الشركات النرويجية المستثمرة في تونس. وأكد الوزير خلال اللقاء أنّ تونس تمثل بوابة استراتيجية نحو القارة الإفريقية ووجهة جاذبة للاستثمار، داعيًا إلى تكثيف التبادلات بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف آفاق جديدة للشراكة.

الطاقات التونسية في المهجر: رأس مال رمزي واستراتيجي

في لقاء مميز احتضنته سفارة الجمهورية التونسية في أوسلو، التقى الوزير بعدد من الكفاءات التونسية المقيمة في النرويج، حيث شدد على أهمية دورهم في تعزيز إشعاع تونس في الخارج. كما أثنى على جهودهم في مد جسور التعاون الثقافي والاقتصادي بين الشعبين، داعيًا إياهم إلى توثيق الروابط فيما بينهم ومعاضدة المجهود الوطني للتنمية من مواقعهم واختصاصاتهم المختلفة.

ختامًا

أكدت زيارة الوزير محمد علي النفطي إلى النرويج أن الدبلوماسية التونسية ماضية بثبات نحو تنويع الشراكات الاستراتيجية والانفتاح على تجارب ناجحة في مجالات متعددة، مع الحرص على تعزيز مكانة تونس في الساحة الدولية من خلال توظيف طاقاتها بالخارج وتوطيد صداقاتها التاريخية مع شركائها التقليديين.

يسري تليلي، كاتب صحفي ومتابع للشأن الدبلوماسي والجالية التونسية بالخارج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى