
في إطار مشاركته في أشغال الدورة الثالثة لمؤتمر الأمم المتحدة حول المحيط، الذي يُعقد حاليًا بمدينة نيس الفرنسية، ألقى السيد محمد علي النفطي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يوم 10 جوان 2025، كلمة هامة خلال فعالية “حماية المتوسط”، بحضور عدد من كبار المسؤولين الدوليين، على غرار وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان-نوال بارو، والمفوّضة الأوروبية للمتوسّط دوبرافكا شويسا، إلى جانب ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية وإقليمية.

وشدّد الوزير التونسي، في مستهل مداخلته، على أهمية التحرك المشترك العاجل وتكثيف التنسيق الإقليمي والدولي من أجل حماية البحر الأبيض المتوسط، الذي يواجه اليوم تحديات بيئية متصاعدة، أبرزها التلوث، وتغير المناخ، وندرة المياه، والتصحر، وفقدان التنوع البيولوجي، والتي تجعل من المتوسط أحد أكثر البحار تلوثًا في العالم.
وأكد النفطي التزام تونس الثابت تجاه البيئة، مذكّرًا باعتمادها استراتيجية وطنية للانتقال البيئي، وانطلاقها في تنفيذ خطة عمل وطنية للتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى استعدادها لإطلاق المساهمة المحددة وطنياً CDN 3.0، التي ستكون جزءًا من خطة التنمية الوطنية للفترة 2026-2030.

كما نوّه الوزير بفعالية اتفاقية برشلونة وإعلان 1995 في دعم جهود حماية المتوسط، مشيدًا ببرامج التعاون البيئي القائمة مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما برنامج DepolMed، والمبادرة المشتركة WestMed التي ترأسها تونس بالاشتراك مع البرتغال، إلى جانب مشاريع إقليمية بارزة مثل Plastic Busters الهادفة للحد من التلوث البحري.
وفي هذا السياق، دعا الوزير المجتمع الدولي إلى ضرورة تعبئة التمويلات الضرورية لحماية المحيطات وتطوير اقتصاد أزرق عادل وشامل، كما اقترح إطلاق تحالف متوسطي لمجابهة الانجراف الساحلي وارتفاع منسوب مياه البحر، باعتبارهما تهديدين وجوديين متصاعدين.
من جهة أخرى، أكد الوزير أنّ الاستقرار البيئي في المنطقة لا ينفصل عن الاستقرار السياسي والإنساني، محذرًا من التداعيات الخطيرة للوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وغزّة، والذي اعتبره تهديدًا مباشرًا لاستقرار كامل الحوض المتوسطي.
وفي إطار فعاليات المؤتمر، شارك الوزير أيضًا في جلسة حوارية رفيعة المستوى بمناسبة الذكرى الخمسين لـخطة عمل البحر الأبيض المتوسط، والذكرى الثلاثين لـاتفاقية برشلونة، حيث تم تسليط الضوء على الدور المحوري لمنظومة الأمم المتحدة للبيئة في تعزيز الحوكمة البيئية البحرية والتنسيق بين الدول المتوسطية.
وقد نوّه الوزير في ختام مشاركته بأهمية هذه الآليات التقنية والعلمية في دعم إحداث وإدارة المناطق البحرية والساحلية المحمية، مجددًا دعم تونس الكامل لهذه الجهود واستعدادها لمواصلة الاضطلاع بدور ريادي في مجال حماية البيئة البحرية في المتوسط.
يسري تليلي، كاتب صحفي ومتابع للشأن الدبلوماسي والجالية التونسية بالخارج