‎تونس تعزز دبلوماسيتها البيئية: ندوة وطنية لتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المناخية

‎في إطار تنفيذ المبادرة الوطنية التي أذن بها سيادة رئيس الجمهورية والمتعلقة بجعل سنة 2025 سنة “تعزيز العمل متعدد الأطراف وتدعيم التعاون مع منظومة الأمم المتحدة”، نظّمت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يوم الاثنين 2 جوان 2025، بالتعاون مع وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ندوة وطنية حول التحديات البيئية والمناخية التي تواجه تونس، وآفاق تعزيز الدبلوماسية البيئية في معاضدة المجهودات الوطنية في هذا المجال الحيوي.

‎وقد أشرف على افتتاح الندوة كل من وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، السيد محمد علي النفطي، ووزير البيئة، السيد حبيب عبيد، بحضور عدد من الخبراء وممثلي الوزارات والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، إلى جانب ممثلين عن جمعيات شبابية ناشطة في المجال البيئي.

‎التهديدات المناخية: واقع يتطلب تحركًا عاجلاً

‎في كلمته الافتتاحية، أكّد السيد محمد علي النفطي أن التغيرات المناخية والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي لم تعد تهديدات مستقبلية، بل أصبحت حقائق يومية تتعمق آثارها على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، مشيرًا إلى ندرة المياه، التصحر، وارتفاع منسوب البحر كأمثلة حية على التحديات التي تواجهها تونس. كما أشار إلى أهمية توظيف الدبلوماسية في الدفع نحو تمويلات دولية عادلة وسريعة، لاسيما في ظل ما وصفه بـ”تعقيد مسارات الولوج إلى هذه التمويلات”.

‎الوزير جدّد مطالبة تونس للدول المصنّعة بالوفاء بالتزاماتها المناخية منذ مؤتمر كوبنهاغن (COP15) سنة 2009، وخاصة في ما يتعلق بتوفير التمويلات الضرورية التي نصّ عليها مؤتمر الأطراف (COP29) والمقدرة بـ300 مليار دولار سنويًا بحلول 2035.

‎المحيط والاقتصاد الأزرق في صلب التحركات الدولية

‎كما نوّه الوزير بالمشاركة المرتقبة لتونس في المؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول المحيط المزمع تنظيمه بنيس من 9 إلى 13 جوان 2025، حيث ستجدد تونس دعوتها إلى إجراءات ملموسة لحماية المحيطات وتعبئة التمويلات لدعم الاقتصاد الأزرق، إلى جانب التطلّع لإبرام اتفاق دولي يشكل إطارًا متينًا لحوكمة البحار، على غرار اتفاق باريس للمناخ.

‎وزارة البيئة: التزام وطني وتخطيط استراتيجي

‎من جهته، أكّد وزير البيئة السيد حبيب عبيد التزام تونس الثابت بحماية ثرواتها الطبيعية، مشيرًا إلى إدراج ملف البيئة والتنوع البيولوجي ضمن المخطط التنموي 2026-2030. كما كشف عن جملة من المشاريع الهادفة لحماية الشريط الساحلي من طبرقة إلى جرجيس من خطر ارتفاع منسوب البحر، مشددًا على أهمية حشد التمويلات الدولية لمجابهة هذا التهديد المحدق.

‎تثمين دولي لجهود تونس البيئية

‎عرفت الندوة مشاركة نوعية لكل من السيدة إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، التي أشادت بجهود تونس في مجال مكافحة التلوث ورسكلة النفايات، معتبرة إياها مرشحًا واعدًا للعب دور ريادي في الاقتصاد الدائري، إضافة إلى السيدة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا، التي ثمنت تجربة تونس في التمويل المبتكر عبر آلية مقايضة خدمة الديون ببرامج مناخية، والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التي أكدت مواصلة دعم البرنامج لجهود تونس في هذا المجال.

‎نحو استراتيجية وطنية للدبلوماسية المناخية

‎وقد خلصت أشغال الندوة إلى جملة من التوصيات الهامة، أبرزها:
‎ • إعداد استراتيجية وطنية موحدة للدبلوماسية البيئية والمناخية؛
‎ • إحداث هيكل قار بوزارة الشؤون الخارجية يُعنى بالبيئة والمناخ ويكون نقطة تنسيق وطنية؛
‎ • تخصيص ميزانية خاصة بأنشطة الدبلوماسية البيئية في إطار مقاربة الموازنة المناخية؛
‎ • دعم تكوين الدبلوماسيين في قضايا المناخ والبيئة، مع تعزيز البحث والتكوين الأكاديمي في المجال؛
‎ • إدراج المحور البيئي ضمن الندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية لتقييم الإنجازات وصياغة التوجهات المستقبلية.

‎خاتمة

‎تأتي هذه الندوة كخطوة متقدمة ضمن رؤية وطنية شاملة لتموقع تونس كفاعل دولي فاعل في قضايا البيئة والمناخ، توازن بين التزاماتها الدولية وخصوصياتها التنموية، وتراهن على الدبلوماسية كشريك استراتيجي في كسب المعركة من أجل مستقبل بيئي آمن ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى