تونس تخلّد ذكرى المناضل الوطني علي البلهوان (1909-1958)

تونس – في مثل هذا اليوم، 11 ماي من سنة 1958، فقدت تونس أحد أبرز رجالاتها الوطنيين والمفكرين، الزعيم علي البلهوان، الذي وُلد في 13 أفريل 1909 وتوفي عن عمر ناهز الـ49 عامًا، بعد مسيرة نضالية زاخرة بالعمل الوطني والسياسي والفكري.

ينحدر علي البلهوان من مدينة تونس، وتلقى تعليمه الابتدائي بكتاب بطحاء رمضان باي، ثم التحق بمدرسة خير الدين والمدرسة الصادقية، التي تخرج منها سنة 1930، قبل أن يشد الرحال إلى باريس لمواصلة دراسته في جامعة السوربون، حيث تخصص في الفلسفة والآداب العربية.

تميّز البلهوان منذ سنوات دراسته الجامعية بنشاطه السياسي، إذ برز في صفوف جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين، وألقى عدة محاضرات دفاعًا عن القضايا الوطنية. وعند عودته إلى تونس سنة 1935، عُيّن أستاذًا بالمدرسة الصادقية، حيث كان له تأثير كبير في تربية جيل وطني واعٍ بقضاياه.

كان له دور محوري في الحركة الوطنية، إذ قاد مظاهرة كبرى يوم 8 أفريل 1938 انطلقت من الحلفاوين، فتم اعتقاله ولم يُفرج عنه إلا بعد خمس سنوات من السجن. وواصل نضاله في الداخل والخارج، حيث تنقل سنة 1951 إلى المشرق العربي للتعريف بالقضية التونسية، وعاد إلى الوطن سنة 1955 بعد إعلان فرنسا الاعتراف بالاستقلال الداخلي لتونس.

انتُخب علي البلهوان عضوا في المجلس القومي التأسيسي سنة 1956، وأسندت إليه مهمة أمين عام المجلس ومقرر مشروع الدستور. وكان من بين الشخصيات التي توجّهت إلى قصر قرطاج في 25 جويلية 1957 لإبلاغ الأمين باي بقرار إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وهو من تلا نص القرار أمام آخر ملوك تونس.

إلى جانب عمله السياسي، تقلد البلهوان عدة مناصب رسمية، أبرزها رئاسة بلدية تونس سنة 1957، وشارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما ترأس الوفد التونسي في المؤتمر الأفروآسيوي. وكان أيضًا عضوًا في مؤتمر أحزاب المغرب العربي بطنجة في أفريل 1958، غير أن الموت اختطفه يوم 9 ماي 1958 قبيل سفره إلى طرابلس.

ترك البلهوان أثرًا ثقافيًا مميزًا، من خلال مؤلفاته الفكرية، أبرزها: “ثورة الفكر أو مشكلة المعرفة عند الغزالي”، “نحن أمة”، و“تونس الثائرة”.

رحل علي البلهوان، لكن مواقفه وأفكاره الوطنية ظلت شاهدة على مسيرة رجل نذر نفسه لوطنه ولم يفصل يومًا بين الفكر والعمل.

نهاد بن نجيمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى