ترجمة “المقدمة” إلى الكورية: جسر جديد بين الثقافة العربية وآسيا الشرقية

في بادرة ثقافية متميزة، استقبل السيّد محمد علي النفطي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يوم 28 ماي 2025، الدكتورة كريمة كيم، الباحثة الكورية البارزة في علم الاجتماع والمتخصصة في اللغة العربية بجامعة “هانكوك للدراسات الأجنبية”، وذلك تكريماً لها بمناسبة فوزها بجائزة ابن خلدون للترجمة عن إنجازها النوعي المتمثل في ترجمة كتاب المقدمة لابن خلدون إلى اللغة الكورية.

وخلال اللقاء، عبّر الوزير عن اعتزازه بهذا الإنجاز الثقافي، مشيداً بجهود الباحثة الكورية التي مكّنت القارئ الكوري من الاطلاع على أحد أعظم النصوص الفكرية في الحضارة العربية الإسلامية. واعتبر أن ترجمة المقدمة، التي باتت تُدرّس اليوم في عدد من المعاهد الثانوية بكوريا الجنوبية، تفتح آفاقاً جديدة لفهم أفضل لفكر ابن خلدون ومساهمته في تأسيس علم الاجتماع قبل قرون.

كما شدّد الوزير على أهمية مثل هذه المبادرات في دعم الحوار الحضاري وتعزيز حضور الثقافة العربية في الفضاءات الأكاديمية العالمية، مقترحاً في السياق ذاته النظر في ترجمة ديوان الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي “أغاني الحياة”، خاصة المقطع الشهير:
“إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة… فلا بدّ أن يستجيب القدر”،
الذي أصبح رمزاً للحرية والإرادة الشعبية وتُرجم إلى عديد لغات العالم.

من جانبها، عبّرت د. كريمة كيم عن امتنانها لحفاوة الاستقبال التي حظيت بها في تونس، واعتزازها الكبير بجائزة ابن خلدون، مشيرة إلى أن تجربة ترجمة المقدمة استغرقت حوالي ست سنوات من البحث والعمل الدؤوب، ما أتاح لها التعمّق في فكر ابن خلدون واكتشاف عمق تحليلاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ما تزال صالحة إلى يومنا هذا.

وأضافت الباحثة أن عملها لم يكن مجرّد نقل لغوي، بل كان رحلة معرفية غنية مكنتها من إدراك أهمية هذا المفكر التونسي العالمي في تاريخ الفكر الإنساني، معبّرة عن أملها في أن تُسهم الترجمة في بناء جسور معرفية متينة بين الثقافة العربية والآسيوية، خاصة لدى الأجيال الجديدة من الطلبة والباحثين الكوريين.

هذا اللقاء يندرج في إطار دعم تونس للثقافة والفكر وتثمين رموزها، وهو يُعدّ خطوة جديدة في تعزيز الحضور الثقافي التونسي والعربي في العالم، وتأكيد على أن المعرفة قادرة دائماً على كسر الحواجز اللغوية والثقافية من أجل عالم أكثر تواصلاً وفهماً متبادلاً.

يسري تليلي، كاتب صحفي ومتابع للشأن الدبلوماسي والجالية التونسية بالخارج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى