
في خطوة تعكس المعاناة المستمرة التي يعاني منها العديد من أصحاب الشهادات العليا في تونس بسبب البطالة الطويلة، نظم عدد من هؤلاء الشباب وقفة احتجاجية سلمية يوم الأربعاء أمام مقر رئاسة الحكومة في القصبة. هذا الاحتجاج الذي تجمع فيه العديد من المعطلين عن العمل، جاء للمطالبة بحل جذري وشامل لوضعيتهم ودمجهم في الوظيفة العمومية أو القطاع العام، وذلك بهدف التخلص من “التشغيل الهش” الذي يعانون منه منذ سنوات.
مطالب حيوية لحل أزمة البطالة
رفع المحتجون العديد من الشعارات التي تعبر عن معاناتهم الطويلة مع البطالة التي دامت لسنوات عديدة، مؤكدين أن هذه الأزمة أصبحت تؤثر على حياتهم بشكل كبير. وقد طالبوا رئيس الدولة بالتدخل شخصياً، أسوةً بالقرارات الرئاسية التي تم اتخاذها سابقاً بشأن تسوية ملفات مشابهة، مثل قضية الدكاترة المعطلين وعمال الحضائر والأساتذة والمعلمين النواب.
وفي تصريحها خلال الاحتجاج، قالت يسرى ناجي، إحدى المعطلات عن العمل منذ أكثر من 16 عامًا، إن هذه الوقفة الاحتجاجية تحمل رسالة إلى أصحاب القرار في تونس للبحث عن حلول عملية وسريعة لهذه “المعضلة”. وأكدت يسرى أن إلحاح الشباب والفتيات في المطالبة بالانتداب في الوظيفة العمومية أصبح مسألة ملحة، مشددة على أن حل هذه الأزمة يتطلب إرادة سياسية قوية.
التدخل الرئاسي في ملف الدكاترة المعطلين كنموذج
يسرى ناجي لفتت إلى أن الرئيس التونسي تدخل شخصياً في قضية الدكاترة المعطلين عن العمل، وهو ما أسفر عن إيجاد حلول لحوالي 5000 فرصة عمل لهم. واعتبرت يسرى أن هذه التجربة يمكن أن تكون نموذجًا يُحتذى به، مع ضرورة اتخاذ نفس الخطوات لحل أزمة آلاف الشباب حاملي الشهادات العليا الذين يعانون من البطالة.
واقترحت يسرى إطلاق منصة إلكترونية لحصر العدد الحقيقي للمعطلين حسب العمر وسنة التخرج، مما يساهم في تحديد احتياجات سوق العمل ويتيح آلية عادلة للتوظيف.
المطالبة بحقوق المواطنة
أيمن الغريسي، أحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية والذي يعاني من البطالة منذ نحو 16 عامًا، أكد أن تمتع المواطن بحقوقه يتطلب من الحكومة توفير فرص عمل لائقة للشباب أصحاب الشهادات العليا. وذكر أن معدل البطالة في صفوف المشاركين في الوقفة الاحتجاجية قد يصل إلى حوالي 10 سنوات، وهو ما يُعد أمراً غير مقبول. وطالب السلطات بتوفير حل نهائي يقطع مع سنوات البطالة الطويلة التي مر بها هؤلاء الشباب.
أيمن، الذي تخرج في تخصص الفلسفة، وجه نداء إلى رئيس الدولة بضرورة الالتفات إلى هذه الفئة من الشباب الذين لم يجدوا مكانهم في سوق العمل، والعمل على إدماجهم في الدورة الاقتصادية والاجتماعية لتونس.
إرادة سياسية لتجاوز الأزمة
المطالب التي رفعها المحتجون اليوم تدور حول ضرورة تسوية وضعية حاملي الشهادات العليا الذين يعيشون حالة من البطالة المزمنة، والذين يشعرون بتهميش مستمر من قبل الدولة. رغم أن البعض يعتبر هذه القضية من أولويات المرحلة، إلا أن الوضع السياسي الحالي وغياب الإرادة السياسية في بعض الأحيان يزيدان من تعقيد الأمور.
إحدى النقاط التي يطالب بها المحتجون هي ضرورة وجود حل سريع يعيد الثقة في القدرة الحكومية على حل القضايا الاجتماعية الملحة، مثل قضية البطالة. وقد أشار المحتجون إلى أن توفير فرص العمل لهؤلاء الشباب لا يشمل فقط تفعيل آليات التوظيف في الوظيفة العمومية، بل يتطلب أيضًا توسيع نطاق الفرص في القطاعات الخاصة والمجتمع المدني.
خاتمة
في ضوء هذه الوقفة الاحتجاجية، تظهر أزمة البطالة في تونس بوصفها تحديًا اجتماعيًا واقتصاديًا يتطلب حلولاً جذرية وسريعة. المتظاهرون شددوا على أن هذه الأزمة لن تُحل إلا من خلال إرادة سياسية حقيقية تتجسد في إجراءات ملموسة تضمن حقوق هؤلاء الشباب وتدمجهم في سوق العمل. وفي حال التفاعل الجاد مع مطالبهم، يمكن أن تكون هذه الوقفة بداية لحل يضمن لجميع الشباب فرصًا متساوية في العيش الكريم.