بقلم يسري تليلي
اليوم، وفي افتتاح مهرجان الحمامات الدولي، كان الموعد مع عرض استثنائي حمل عنوان “رقوج”، بإمضاء عبد الحميد بوشناق وحمزة بوشناق، في لقاء فني مزج بين روحين تبدوان مختلفتين لكنهما في العمق منسجمتان حد الذوبان.

منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن هذا العرض ليس تقليديًا: شاشات ضخمة، إضاءة مدروسة، مؤثرات بصرية مدروسة بعناية، وأنغام موسيقية تعيد رسم الذاكرة التونسية بمفردات جديدة. عبد الحميد بوشناق، بلمسته المعروفة في السينما والموسيقى، صنع من الركح عالمًا متحرّكًا بين الحداثة والجذور. أما حمزة بوشناق، فقد قدّم أداءً غنائيًا صادقًا، يتراوح بين النبرة العاطفية والشجن الشعبي، ويُلبس الأغنية التونسية رداءً معاصرًا دون أن يفقدها معناها الأصلي.

الجمهور كان حاضرًا بأعداد كبيرة، من هواة المهرجان والمهتمين بالموسيقى البديلة والفن السمعي البصري، وسط أجواء من الحماس والتفاعل، حيث امتزج التصفيق بنبض الإيقاع، وبدت الحمامات وكأنها مدينة تحتفل بنفسها.

ما يميّز “رقوج” هو ذلك التداخل بين عناصر تبدو منفصلة: الموسيقى، الصورة، الكلمة، والإضاءة. لكنها عند عبد الحميد وحمزة تخرج من قالب العرض لتتحول إلى حالة شعورية مشتركة يعيشها الفنان والجمهور معًا.

مهرجان الحمامات الدولي يفتتح اليوم برهان واضح: الفن التونسي قادر على التجديد والانطلاق خارج القوالب الكلاسيكية، وقادر على أن يخاطب جمهورًا يبحث عن الجديد دون أن يقطع صلته بالأصل.

من على ركح مسرح الحمامات، “رقوج” كان اليوم أكثر من مجرد عرض… كان رسالة. رسالة بأن الثقافة الحية تبدأ من هنا، من تونس