الشيخ الناصر بن عمارة… تونسي في باريس ينشر الاعتدال ويعلّم الجالية حبّ الوطن

بقلم جيلاني فيتوري

في أحد مساجد باريس، يعتلي الشيخ الناصر بن عمارة المنبر بصوت هادئ وثابت، يختار كلماته بعناية وكأنه ينسج خيوط أمل بين المصلين. في كل خطبة، يذكّرهم بأن يكونوا مرآة صافية لوطنهم الأم تونس، وأن يعيشوا في فرنسا مواطنين صالحين، يحترمون القوانين وينشرون الأخلاق الحميدة.

الشيخ بن عمارة ليس مجرد خطيب يلقي المواعظ وينصرف؛ بل هو صوت تونسي معتدل يرافق الجالية في تفاصيل حياتها اليومية، مرشدٌ دينيّ ومستشار اجتماعي ومعلّم للأجيال الصاعدة.

من المساجد إلى “دار التونسي”

يشغل الشيخ منصب مدرّس بالمركز الثقافي الاجتماعي “دار التونسي” في باريس، هذا الفضاء الذي يجمع بين التعليم الديني والمحافظة على الهوية الثقافية التونسية. هناك، يلتف حوله شباب وعائلات يستمعون لدروسه التي تمزج بين الفقه المبسّط والنصائح الاجتماعية. يتحدث معهم بلغتهم القريبة من القلب، فيعلّمهم كيف يكونون متوازنين: “عيشوا بإسلامكم الحقّ، وكونوا قدوة في أخلاقكم، فهذا خير تعريف بتونس وهويتها.”

خطاب وطني وإنساني

في أحاديثه العفوية التي يلتقطها بعضهم وينشرها على صفحات الجالية، يؤكد الشيخ دائماً أنّ أبناء تونس في أوروبا سفراء لوطنهم، قائلاً:
“نحن جزء من هذه المجتمعات الأوروبية، اندمجوا فيها بعملكم وعلمكم، دون أن تذوبوا أو تفقدوا أصالتكم. حافظوا على دينكم المعتدل، فهذا ما يميز التونسي أينما حلّ.”

لا يتوقف نشاط الشيخ عند الجوانب الدينية فقط؛ فهو كثيراً ما يوجّه خطبه لمناقشة قضايا الأسرة والجالية، داعياً الجمعيات التونسية إلى التعاون من أجل دعم الشباب، وتوفير فضاءات تعليمية وثقافية تحصّنهم من الانغلاق أو التطرف.

وجه مشرق للجالية التونسية

بخطابه الوسطي ومواقفه الوطنية، بات الشيخ الناصر بن عمارة رمزاً من رموز الجالية التونسية بفرنسا، ومرجعاً لمن يبحث عن كلمة صدق أو نصيحة تعيد إليه التوازن. هو نموذج للعالم الديني الذي لم ينغلق في محرابه، بل خرج إلى الناس، يستمع إليهم ويشاركهم قضاياهم، فيقدّم بذلك صورة مشرقة عن الإسلام التونسي المعتدل وعن تونس الحضارية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى