
ان للفقه اوجه عديدة ومنها الفقه الديني،والفقه القانوني،والفقه الثقافي ولكل واحد منهم تشعباته.
الفقه الديني
يعد الفقه الديني من أفضل العلوم، وفضله حاصل بنسبته للشرع، فهو من العلوم الشرعية المخصوصة بفضل نسبتها للشرع، فهو علم بأحكام الشرع والحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام، وبه يعلم المسلم حكم عباداته ومعاملاته الصحيح منها والباطل. وفضل الفقه كثير وفي الحديث: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.». وقد سماه الله خيرا فقال تعالى: ﴿ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا﴾ وقد فسر الحكمة جماعة من علماء التفسير بعلم الفروع الذي هو علم الفقه. وكونه علم في الحلال والحرام وما لا بد منه من الأحكام اختص به مجموعة من الفقهاء تفرغوا للدراسات الفقهية وكانت لهم مجهودات علمية، وعملت هذه التخصصات البذرة الأولى لتأسيس المدارس الفقهية في الحجاز والعراق والشام واليمن ومصر، وافريقية، وظهرت منها المذاهب الفقهية، والى الآن يعتبر الفقيه وريث الانبياء.
فإن أعظمَ الطرقِ وأنفعَها، وأحسنَها وأقومَها، هو الفقهُ في الدين؛ ذلك أن الفقه في الدين هو لبُّ العلوم والمعارف، وقيدُ العلوم والحكم، ومِرقاةُ الصعود إلى الشرف، وأوَّل عتبةٍ للوصول إلى الهدف، وهو بالجملة الطريقُ إلى العلوم الدنيويَّة، والعلوم الأُخْرَوِيَّة.
إن الفقه في الدين – وبحقٍّ – الرتبةُ العظمى، والمنزلةُ الفُضْلى، وهو موهبة ربانيَّة، ومنحةٌ إلاهيَّة لا يجعلها الله عز وجل تامَّةً كاملة إلا لخاصَّةِ أوليائه المتَّقين، من العلماء العاملين، والأئمة المهتدين.
الفقه في الدين يُحفِّزُ العبدَ على القيامِ بأمر الله عز وجل، وأداءِ فرائضه وسننه، ويُحذِّره من مساخطِه، ويحثُّه على محاسن الأعمال، وفضائل الأقوال، والنُّصْحِ لله ولعباده، ويدعوه إلى مكارم الأخلاق، ويصرفُ صاحبَه عن صحبة الفُسَّاق، ويقودُه إلى الخشية، فهو – بحقٍّ – المصباحُ الذي يُضيء لصاحبه في الآخرة، وينتهي به – بعون الله – إلى الجنة.
الفقه في الدين كَنزٌ عظيم، ونورٌ يهتدي به المرءُ عند اختلاط الآراء، واختلافِ الأفهام، وتخبُّط الأذهان، لا يَزيد العزيزَ إلا عزًّا، والشريف لا يزيدُه إلا شرفًا.
الفقه في الدين دِعامةُ الإسلام، وطريق السلام، وهو أفضلُ العبادة، وعَلَم من أعلام السعادة، وركن من أركان الاستخلاف والخلافة، وشرط رئيسٌ للخيريَّة والسُّؤْدُد في الإسلام؛ كما نطقت بذلك النصوص، مَن حَازَه وأدركه، صحَّ فهمُه، وقَوِي إدراكُه، وحَسُنَ تصرُّفُه في الشرعيَّات والعقليَّات، وكان الفردَ الكاملَ في طوائف أهل العلم.
وهو – أعني: الفقه في الدين . جُندٌ عظيم متين، يؤيِّدُ الله به أهلَ اليقين، وهو نِعْمَ المعينُ والنَّصيرُ، والرِّفْد والظهير، وهو ينفعُ ويرفع أهلَه على أَيْكَةِ المَجدِ.
يقول الله في القرآن الكريم: فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.
الفقه القانوني
يعتبر الفقه القانوني أحد الركائز التي تقوم عليها حاجة المجتمعات، لأنه يسهم ببناء الكيان الأساسي للمجتمع من حيث تعاملاته وعلاقاته بالآخرين كما أنه يسهم في بناء السلطة وإضفاء الصفة الشرعية عليها، حيث يكون لها القوة الملزمة في تنفيذ قراراتها،إن الفقه القانوني بجميع مجالاته، سواء كان القانون التجاري أو الإداري أو الجنائي أو غيرها من أقسام القانون يعتبر تطور طبيعي للاحكام العرفية او ما هو متعارف عليه لدى المجتمعات البدائية بالعرف اوالعادة او القانون الطبيعي.
يمثل القانون الطبيعي النواة التي ابتنى عليها القانون في تشكيله. وقد عرف القانون الطبيعي بأنه: مجموعة قواعد سلوكية كامنة في الطبيعية وثابتة لا تتغير بمرور الزمن ولا تختلف من مكان إلى آخر وهو قانون مثالي يكشف عنه العقل البشري ولا يوجده. ويرى ارسطو: ان العدل هو القانون الطبيعي الذي يجب ان توضع على أساسه القوانين الصادرة عن إرادة المشرع.
يكون القانون فعالا ونافذا عندما تصبح له القدرة على تنفيذه على الناس وقبول الناس له قبولا قائما على الاقتناع والإيمان به. ان القانون الوضعي الذي يفصل نفسه عن الأخلاق والدين وقيم القانون الطبيعي الفطرية يعتمد على القوة والتهديد في تطبيق القانون وهذا ما يجعله لا يمتلك مقومات الاستمرار لتحقيق الاستقرار والأمن لانه لا يمتلك جذورا متأصلة في عمق الوعي الإنساني العام. ذلك ان الناس يطيعون القانون لأنهم مرغمون على ذلك بالقـوة ويقــبلونه علـــى الأقل وهم مذعـــنون له حتى يكون النظام القانوني فعالا.
والتفقه في القانون واجب عيني على كل بالغ وان يلتزم بحدوده واذا سافر الى دولة اخرى وجب عليه الالتزام بقوانينها.
الفقه الثقافي.
لما تمر هذه الكلمة على مسامعنا يتبادر الى اذهاننا انها تخص الفن المسرحي او السينما او الرسم او النحت او الغناء او حتى الشعر.
بل ان الثقافة هي مفهوم عام لتراكمات كمّية من المعرفة وسلوكيات لدى الفرد يمتلكها خلال مسيرته في هذه الحياة.
يلعب مفهوم الثّقافة دوراً مهمّاً في العديد من العلوم الإنسانيّة المختلفة خاصّة العلوم الاجتماعيّة مثل: ثقافة الإدارة، وثقافةعلم الاجتماع، وثقافةعلم النفس،وثقافة علم الصحة، وكذلك علم الأنثروبولوجيا الثقافية.
ويُعدّ العالم الاجتماعيّ تايلور هو أوّل من وضع تعريفاً للثّقافة العامّة، حيث عرّفها بأنها: (الكلّ الّذي يتضمّن العقيدة والمعرفة والأخلاق والفن والعادات والتقاليد، بالإضافة إلى القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه فرداً في المجتمع).
وعرّفها أيضاً العالم كلباتريك على أنّها: كلّ شيء صنعه العقل الإنسانيّ من مظاهر وأمور اجتماعيّة في البيئة الاجتماعيّة، فإن المثقف يكون قد تثقف من تراكمات ثقافية من كلّ ما صنعه الإنسان في ا