اكتب حتى لا يقولوا عني جاهلا …

كتب منجي حرشاني/ قفصة
كانت مناسبة في عقد قران لعروسين من عرشين في الجنوب التونسي، كنت جليسهم فاستمعت الى رجل كبيرا في السن ، رايت في قسمات وجهه آثار قساوة الدهر ووقائع المحن ، كان يتحدث برصانة، ويفصّل الحديث بلاغة ومعرفة.
تكلم في الحكمة فابهر الحاضرين، وتحدث في الانساب فاطنب، وكان له ما يقول في سِيَرِ العروش والفِرقِ ، وقال شعرا فابدع.
سالته ياعمي هل قرأت في حياتك؟ فقال لي يا ابني لقد قرأت عقوبة ربي وربي يحسن الخاتمة.
علمت انه أميّ فقلت في نفسي اين انت من هذا يا حرشاني؟ لقد افحمك هذا انت المسلم المالكي.
لقد قرات القرآن الكريم وتعلمت مخارج الحروف نطقا وادغاما وقلقلة، وعرفت مدّه وتفخيمه،واخفائه واظهاره برواية قالون عن نافع، وبرواية ورش عن نافع، حتى تفاسيره نهلت منها الكثير ابتداءّ بالجلالين، وابن كثير، وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، وآخرها الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي.
قرات سيرة ابن هشام، وفقه السيرة للغزالي.
ثم الموطأ لمالك ابن انس،والرسالة بشرحها لابن ابي زيد القيرواني، وصحيح البخاري وصحيح مسلم ،وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي الاندلسي.
لما قرات كتاب البداية والنهاية لابن كثير، هذا الكتاب الموسوعي التاريخي الضخم، فتح بصيرتي عن كثير من الاحداث والمحطات التاريخية التي مرت في هذا العالم.
ثم قرات المقدمة لابن خلدون وتحدث فيها عن فتى فاطمي يخرج آخر الزمان ،فكان لهذا الكتاب اثرا على نمط تفكيري وايقنت ان الحقيقة نسبية والاحداث التاريخية لها كثيرا من القراءات.
كم كان ممتعا ومفيدا كتاب الحرب والسلم للاديب الروسي ليو تولستوي، تعلمت منه ان العالم مختلفا بطبعه ، حيث يجعلك الكاتب تعيش مع ابطال هذه الرواية صراعاتهم وحواراتهم.
سمعت كثيرا عن كتاب نهج البلاغة من تاليف الشريف الرضي جمع فيه من اقوال وخطب الامام علي ابن ابي طالب، اشتريته وقراته عديد المرات وبحثت في شرحه لكثير من الشراح، فاحدث فيّ زلزالا معرفي ولخبطة في المفاهيم وتعارض في الاحداث التاريخية للاسلام المحمدي، نعم لقد انتابتني صدمة في عقيدتي جعلتني اشك في كل ما بنيته طيلة اربع عقود من حياتي.
لما قرات الفتنة الكبرى للجامعي والمؤرخ والمفكر هشام جعيط، ثم السيرة النبوية لهشام جعيط اتضحت لي كثيرا من الامور والاحداث التاريخية، التي ملات فيّ كثيرا من الفراغات المعرفية في عقيدتي الاسلامية.
ولما قرات كتاب ثم اهتديت للدكتور التيجاني السماوي القفصي، وكتاب ليالي بيشاور للكاتب محمد الشيرازي ، وكتاب المراجعات لشرف الدين الموسوي، عرفت حينها خطبة غدير خم او (خماء) ، وحديث الائمة من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش،ومعنى رزية يوم الخميس،واحداث سقيفة بني ساعدة، وحديث الكساء، وفيء فدك، وعمار تقتله الفئة الباغية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى