احتضنت قاعة المحاضرات الكبرى بمقر ولاية بنزرت فعاليات “الندوة الجهوية الخاصة بعودة التونسيين بالخارج”، التي نظمتها المندوبية الجهوية للتونسيين بالخارج ببنزرت، بالتعاون مع مختلف الشركاء الإداريين والمجتمع المدني، وذلك في إطار تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الرامية إلى حسن استقبال الجالية التونسية خلال الموسم الصيفي وتوفير أفضل الظروف لهم.

وقد أكد والي بنزرت، خلال إشرافه على افتتاح الندوة، أن هذه المناسبة تندرج ضمن توجه الدولة التونسية نحو تعزيز رعاية أبنائها بالخارج وضمان إحاطتهم الكاملة، سواء خلال فترة زيارتهم للوطن أو عبر المتابعة المستمرة لأوضاعهم في بلدان الإقامة، مشيراً إلى أهمية الشفافية في الإجراءات وتوفير خدمات ميسّرة وفعّالة لهم ولأسرهم.
وأشار إلى أن ولاية بنزرت تحتل المرتبة الرابعة وطنياً من حيث عدد التونسيين المقيمين بالخارج، حيث يُقدّر عددهم بحوالي 108 آلاف شخص، وهو ما استوجب تركيز مكتب محلي لديوان التونسيين بالخارج في معتمدية العالية، إضافة إلى بعث “دار للخدمات الاجتماعية” كمرفق إداري موحّد يُعنى بشؤون الجالية، بهدف معاضدة جهود الهياكل الجهوية والمحلية.
ودعا الوالي مختلف الإدارات الجهوية إلى تفعيل شبابيك استقبال خاصة بالتونسيين بالخارج، لا سيما في البلديات ذات الكثافة المهجرية، مع الحرص على دراسة ملفاتهم والردّ عليها في الآجال.
من جانبه، أوضح حلمي التليلي، المدير العام المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج، أن الديوان يعمل على ضمان رعاية شاملة للجالية بالخارج من خلال شبكة تضم 54 ملحقاً اجتماعياً موزعين على 18 دولة و33 دائرة قنصلية، مشدداً على أهمية دورهم في الدفاع عن مصالح التونسيين وتعزيز اندماجهم في مجتمعات الإقامة، دون التفريط في هويتهم الوطنية.

وأكد التليلي أن الديوان وضع جملة من البرامج النوعية استعداداً للموسم الصيفي، من بينها برنامج تعليم اللغة العربية عن بُعد، وتخصيص دعم مالي بقيمة 5 ملايين دينار لفائدة 10 آلاف مواطن من الطلبة والعائلات محدودة الدخل، للمساهمة في تذاكر السفر خلال الفترة الممتدة من 18 جوان إلى 18 أوت 2025، وذلك دون التأثير على التوازنات المالية للمؤسسات العمومية.
ورغم الامتيازات المتوفرة، لاحظ التليلي أن حجم الاستثمارات المباشرة للجالية لا يزال دون المأمول، حيث تتركز أغلب تحويلاتهم المالية على الاستهلاك والادخار، رغم أنها تمثل حوالي 7% من الناتج الوطني الخام، داعياً إلى العمل على تعزيز مساهمتهم في الدورة الاقتصادية الوطنية.
وشهدت الندوة مشاركة واسعة من المسؤولين الجهويين، والمعتمدين، وكتاب عامي البلديات، وممثلي الهياكل الأمنية والديوانية، فضلاً عن نواب الجهة في البرلمان وممثلي المجتمع المدني، حيث تم عرض مشروع “إناس” المنجز بالشراكة بين جمعية “خلق وإبداع” وديوان التونسيين بالخارج، والذي يهدف إلى الإحاطة بـ150 شخصاً من الفئات المهمّشة اقتصادياً واجتماعياً وتكوينياً وتشغيلياً.

واختُتمت الندوة بحوار مستفيض تناول أبرز التحضيرات المنجزة والمنتظرة لضمان استقبال ناجح للتونسيين بالخارج، في إطار من التعاون والتكامل بين مختلف أجهزة الدولة والمجتمع المدني، في مشهد يؤكد حرص الدولة على صيانة كرامة أبنائها بالخارج وتعزيز ارتباطهم بالوطن الأم.
يسري تليلي، كاتب صحفي ومتابع للشأن الدبلوماسي والجالية التونسية بالخارج