
تونس/ جيلاني فيتوري
شهدت تونس في الآونة الأخيرة زيارة الباحث الحقوقي ره نج باراوي، الذي شارك في العديد من الفعاليات الثقافية ولقاءاته مع المثقفين والصحفيين التونسيين. هذه الزيارة لم تكن فقط فرصة لاستكشاف الجوانب الثقافية المتنوعة في تونس، بل كانت أيضًا تجربة فريدة لاستخلاص دروس من التجربة التونسية في تعزيز المواطنة الثقافية والاندماج الاجتماعي. تركزت انطباعاته على كيفية نجاح تونس في دمج القيم الثقافية مع المواطنة وتعزيز السلام الاجتماعي في مجتمعها.

مدينة الثقافة: نموذج للمواطنة الثقافية
أحد أبرز المحطات في زيارة الباحث كانت مدينة الثقافة في العاصمة تونس، التي تعد واحدة من أرقى المشاريع الثقافية في البلاد. هذه المدينة لا تمثل مجرد مركز فني أو ثقافي، بل هي رمز للمواطنة الثقافية، حيث تتيح للمواطنين من مختلف الخلفيات الثقافية أن يعبروا عن أنفسهم بحرية. أشار الباحث إلى أن مدينة الثقافة تمثل مواطنًا ثقافيًا حيًّا، حيث يتم نشر الفكر النقدي وتبادل الآراء حول القضايا الاجتماعية، مع احترام تاريخ البلاد وهويتها الوطنية. كما أضاف أن المدينة تعكس حرص التونسيين على تسليط الضوء على ماضيهم وحاضرهم بنظرة نقدية، دون أن يؤثر ذلك على احترامهم لكرامتهم الوطنية.

التفاعل الاجتماعي والوعي المجتمعي
من خلال تفاعله مع التونسيين، لاحظ الباحث ره نج باراوي أن النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي في تونس تتمحور حول المواطنة الإنسانية والتحديات التي يواجهها المواطن، بعيدًا عن الانقسامات الطائفية أو العرقية. هذا يعكس وعيًا مجتمعيا متقدمًا حول أهمية التكافل الاجتماعي والمساواة بين جميع أفراد المجتمع. كما أكد أن هذا النوع من التفاعل يساعد في تعزيز روح الوحدة الوطنية، التي تعتبر من العوامل الرئيسية في استقرار البلاد.
دروس لتطبيقها في إقليم كردستان
رغم التحديات التي تواجهها تونس، يرى الباحث أن نموذج المواطنة الثقافية في البلاد يمكن أن يكون مصدر إلهام لإقليم كردستان، الذي يعاني من فراغ دستوري وقلة الاستقرار السياسي. أشار إلى أن وجود دستور واضح يضمن حقوق جميع المكونات الاجتماعية والعرقية في إقليم كردستان، ويساهم في بناء دولة قانون تقوم على المبادئ الإنسانية والمواطنة الفاعلة. هذه التجربة التونسية، وفقًا للباحث، تمثل نموذجًا للسلام النفسي والاجتماعي الذي ينبثق من احترام الحقوق المدنية وحق الإنسان في العيش بسلام.

ختامًا: تونس نموذج للتغيير الاجتماعي
في الختام، أكد الباحث ره نج باراوي أن تونس تمثل مختبرًا حقيقيًا للثقافة والمواطنة في العالم العربي. فهي لا تعتبر فقط وجهة سياحية، بل هي أيضًا دليل على قدرة المجتمع التونسي على خلق بيئة قانونية وثقافية تدعم الاستقرار والتنمية. من خلال تطبيق هذه المبادئ في مختلف المناطق العربية، يمكن تحقيق التعايش السلمي والاندماج الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع، مما يجعل تونس نموذجًا يحتذى به في بناء دولة القانون والمواطنة.