
جيلاني فيتوري
من الخليج إلى قلب أوروبا، قطعت إيمان سعيدي، التونسية أصيلة مجال الهندسة الإعلامية، مسارًا متنوعًا وغنيًا بالتجارب التي مزجت بين التكوين الأكاديمي، العمل، والانخراط المجتمعي. ست سنوات قضتها في بلجيكا حتى الآن، سبقتها قرابة عشر سنوات في الدوحة، كانت فيها قريبة من الميدان التربوي، حيث اشتغلت في قطاع التعليم، رغم أن تكوينها الأصلي هو الهندسة الإعلامية.
ذلك التحوّل، كما توضّح لمقرّبيها، لم يكن تراجعًا بقدر ما كان تكيفًا مع الواقع ووسيلة للاندماج السريع، إلى حين عودتها لاحقًا للعمل ضمن مجال تخصّصها بعد انتقالها إلى بلجيكا.

في بروكسيل، وجدت إيمان توازنًا بين العمل المهني والنشاط الاجتماعي. لم تكتفِ بالعمل المكتبي، بل فتحت لنفسها نافذة تواصل واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على منصة إنستغرام، حيث يتابعها عدد محترم من الأشخاص، يتفاعلون مع محتواها الذي يجمع بين التوعية، التوثيق، ولمحات من الحياة اليومية للجالية التونسية في المهجر.
عبر حضورها الدائم في الحفلات والمناسبات التي تهمّ الجالية، أصبحت إيمان وجهًا مألوفًا في الأوساط التونسية ببروكسيل، لا تُفوّت فرصة للمشاركة، التفاعل أو تقديم الدعم، سواء تعلق الأمر بفعالية ثقافية أو حتى بلقاءات بسيطة بين أبناء الجالية.
وتستعد حاليًا للإعلان الرسمي عن تأسيس جمعية “حلمي”، وهو مشروع اجتماعي وثقافي يحمل بُعدًا رمزيًا وشخصيًا بالنسبة لها. “حلمي”، كما تعبّر في لقاءاتها الخاصة، سيكون جسرًا إنسانيًا وثقافيًا بين تونس وبلجيكا، ويهدف إلى تعزيز الروابط بين أفراد الجالية وتنظيم فعاليات متنوّعة تعكس روح الانتماء والانفتاح معًا.

رؤيتها للجمعية تنبع من قناعة عميقة بأن الجالية لا تحتاج فقط إلى خدمات، بل إلى من يُنصت، يُساند، ويوفّر لها فضاءً مشتركًا للتعبير عن هويتها وتطلعاتها، وخاصة لدى الشباب والنساء.
إيمان سعيدي، بصبرها وخبرتها وتواصلها، تُجسّد صورة المهاجرة الفاعلة، التي لم تسمح للغربة بأن تُقيّد طموحها، بل جعلت منها منطلقًا جديدًا للحلم… وللعمل من أجل الآخرين.
إيمان سعيدي، التي تجمع بين العقلية التقنية والحس الإنساني، تثبت من خلال مسيرتها أن الهجرة ليست انقطاعًا، بل امتدادٌ طبيعيٌ لما يمكن أن نقدّمه لبلادنا، ولأنفسنا، ولمن حولنا. ومن “إنستغرام” إلى الأنشطة الميدانية، هي نموذج لتونسية تؤمن بأن النجاح لا يكتمل إلا إذا تقاسمه مع الآخرين.